المقصد السادس [في صلاة المسافر] والنظر في الشروط والقصر. والشروط خمسة:
الأول: (المسافة) وهي (أربعة وعشرون ميلا) مسير يوم تام، وهو مذهب علمائنا أجمع، وإحدى الروايتين عن ابن عباس، وقال الأوزاعي عامة العلماء قائلون به، وبه تأخذ، وقال الشافعي، وأحمد: ثمانية وأربعون ميلا بالهاشمية، وذلك مسير يومين قاصدين، وبه قال مالك، لقول ابن عباس وابن عمر (يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من عسفان إلى مكة) (1) ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد، فجاز التقصير فيها.
وقال داود: يلحق الحكم بالسفر القصير كالطويل، لما روي (أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا سافر فرسخا " قصر الصلاة) (2) وعن أنس (كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين) (3) وقال أبو حنيفة: مسير ثلاثة أيام، لقوله عليه السلام (يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن) (4) ولأن الثلاثة متفق عليها، وليس فيما دون ذلك اتفاق ولا توقيف.
لنا: أن مسير يوم يسمى سفرا "، فيثبت معه القصر، أما أن مسير اليوم سفر فلقوله عليه السلام (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسير يوم إلا مع ذي محرم) (5).
ولأن القصر لو لم يثبت مسير يوم لما ثبت مع ما زاد، لأن مشقته تزول براحة