الركن الثالث [في وقت الوجوب] تجب الفطرة بغروب الشمس آخر يوم من شهر رمضان، وبه قال الشافعي في الجديد، وأحمد، وإحدى الروايتين عن مالك. وقال ابن الجنيد وجماعة من الأصحاب:
تجب بطلوع الفجر يوم العيد، وبه قال أبو حنيفة، لما رواه ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأمرنا أن نخرج الفطرة قبل الخروج إلى المصلى، وهو لا يأمرنا بتأخير الواجب عن وقته) (1).
ولنا أنها تضاف إلى الفطرة فكانت واجبة عنده، ويدل على ذلك رواية معاوية ابن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: مولود ولد ليلة الفطر أعليه فطرة؟ قال: (لا قد خرج الشهر) وعن يهودي أسلم ليلة الفطر أعليه فطرة؟ قال: (لا) (2). وما روي أن ولد قبل الزوال يخرج عنه الفطرة وكذا إن أسلم، تحمل على الاستحباب توفيقا " بين الروايات. وحجة أبي حنيفة ضعيفة، لاحتمال أن يكون الأفضل إخراجها قبل الصلاة.
وقوله: لا يأمرنا بالتأخير عن وقت الوجب قلنا: متى إذا لم يشتمل التأخير على مصلحة أم إذا اشتمل وهنا التأخير مشتمل على مصلحة لأنه يجمع فيه بين إيتاء الزكاة والصلاة كما تؤخر المغرب لمن أفاض من عرفة إلى المشعر، ليجمع بينها وبين العشاء، وإن كان التقديم جايزا "، أو لأن حاجة الفقير إليها نهارا " فكان دفعها في وقت الحاجة أفضل من دفعها ليلا.
وقوله: كان يأمر بإخراج الزكاة قبل الخروج، لا يدل على أن ذلك الوقت وقت الوجوب، بإجماع الناس، لأن الصلاة لا تكون إلا بعد طلوع الشمس وانبساطها