مسألة: ويجوز تقديمها من أول الشهر، وبه قال الشافعي، لأن سبب الصدقة الصوم والفطر منه فجاز التقديم لوجود أحد السببين، كتقديم زكاة المال بعد كمال النصاب وقبل الحول، وقال بعض أصحابنا: لا يجوز تقديمها إلا على وجه القرض، كما قلناه في زكاة المال.
وقال أبو حنيفة: يجوز تقديمها قبل الشهر من أول الحول، لأنها زكاة فكانت كزكاة المال. وقال أحمد: يجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو بيومين، لأن القصد بها إغناء الفقير عن الطلب والمسألة في ذلك اليوم، وقد روي عن الصحابة أنهم كانوا يقدمونها بيوم أو يومين، فيقتصر على ما فعلوه.
لنا أن في تقديمها جبرا لحال الفقير، وقبل الشهر لم يحصل سبب يسند إليه التقديم، فينبغي ما قبل الشهر، ويؤيد ما ذكرناه ما رواه زرارة وبكير والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام قالا: (على الرجل أن يعطي عن كل من يعول من حر وعبد صغير وكبير يعطى يوم الفطر فهو أفضل وهو في سعة أن يعطيها في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره) (1).
وأما المنع قبل الشهر، فلدلالة الأصل السليم عن المعارض، ولأن الزكاة المالية لا تقدم قبل جريان المال في الحول فكذا الفطرة لا تقدم قبل الشهر فإن أخرها عن صلاة العيد أثم، وبه قال الشافعي، لأنه تأخير للواجب عن وقته المضروب له.
وفي رواية عن أهل البيت عليهم السلام: (يجوز تأخيرها إلى هلال ذي القعدة) (2) وتأولها الشيخ بانتظار المستحق، وليس بمعتمد لأنه لو كان كذلك لم يتقدر بزمان، لكن الرواية ضعيفة السند شاذة فلا عبرة بها، ولا يأثم لو أخر لعذر أو عدم المستحق إجماعا، فإن كان عزلها، أخرجها مع الإمكان، وإن لم يكن عزلها قال الشيخان: يكون