أن الصحابة كان أعرفهم بالسنة أقرؤهم للقرآن، قلنا: اللفظ جار على إطلاقه، ولأن ما ذكروه لو كان مرادا " لما نقلهم بعد القراءة إلى الأعلم بالسنة، فإن تساووا في القراءة قال الشيخان: يقدم الأعلم بالسنة، وقال علم الهدى: يقدم الأسن، ثم الأعلم بالسنة، لما رواه مالك بن الحويرث وصاحبه قال (يؤمكما أكبركما) (1).
ومن طريق الأصحاب: ما رواه أبو عبيدة عن أبي عبد الله عليه السلام قال (إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يؤم القوم أقرؤهم للقرآن، فإن تساويا فأقدمهم هجرة، فإن تساويا فأسنهم، فإن كانوا سواء فليؤمهم أعلمهم بالسنة) (2).
لنا: أن العلم بالسنة أهم من السن لأنه يحتاج فيه إلى تدبير الصلاة ولا كذلك السن، وخبر ابن الحويرث لا حجة فيه، لأنه حكم في واقعة، فلعله عليه السلام علم فيهما التساوي إلا في السن، وخبر أبي عبيدة فهو على الجواز، ونحن فلا نمنعه وإنما ندعي الأولوية، فإن تساووا في الفقه فأقدمهم هجرة، لأنهما أشرف من علو السن، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله يفضل بالسبق، فإن تساووا في الهجرة فالأسن، وهل يرجح (بالأصبح) قال الشيخان: نعم، ورواه المرتضى رضي الله عنه في المصباح رواية ولا أرى لهذا أثرا " في الأولوية، ولا وجها " في شرف الرجال.
مسألة: لو أحدث الإمام قدم من يتم بهم، وهو مذهب علمائنا، وبه قال الشافعي في الجديد، وقال في القديم لا يجوز. لنا: أن صلاة المأموم لا تبطل بصلاة الإمام، فإذا قدم من يصلح للإمامة كان أتمها فلا ينفك المأموم من إقامة الجماعة والعمل بالسنة، وروى الأصحاب عن علي عليه السلام قال (من وجد أذى فليأخذ بيده رجل فليقدمه يعني إذا كان إماما) (3).