باب الخلع والمباراة والنشوز والشقاق سمى الله تعالى الخلع في كتابه، افتداء فقال: " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " (1) والفدية العوض الذي تبذله المرأة لزوجها، تفتدي نفسها منه به، ومنه فداك أبي وأمي، أي هما فداؤك، ومنه يقال: فدي الأسير، إذا افتدى من المال، فإن فودي رجل برجل، قيل مفاداة، هذا حقيقة الخلع في الشرع.
فأما اللغة فهو الخلع، واشتقاقه من خلع يخلع، وإنما استعمل هذا في الزوجين، لأن كل واحد منهما لباس لصاحبه، قال الله تعالى: " هن لباس لكم وأنتم لباس لهن " (2) فلما كان كل واحد منهما لباسا لصاحبه، استعمل الخلع في كل واحد منهما، لصاحبه.
والأصل في الخلع الكتاب والسنة، فالكتاب قوله تعالى: " ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به " (3) فرفع الجناح في أخذ الفدية منها عند خوف التقصير في إقامة الحدود المحدودة في حقوق الزوجية، فدل على جواز الفدية.
والخلع والمباراة مما يؤثران في كيفية الطلاق، وهو أن كل واحد منهما متى حصل مع الطلاق، كانت التطليقة باينة لا رجعة للزوج على المرأة في العدة، إلا أن ترجع فيما بذلته وافتدت به قبل خروجها من العدة، فله حينئذ الرجوع في بضعها على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وفرق أصحابنا بين الخلع والمباراة، فلم يختلفوا في أن المباراة لا تقع إلا بلفظ الطلاق، واختلفوا في الخلع، فقال المحصلون منهم فيه مثل ذلك، وقال قوم منهم: يقع بلفظ الخلع.