ويقبض المسلم من المسلم دينه منه، لأن بيع الخمر للمسلم حرام، وثمنه حرام، وجميع أنواع التصرفات فيها حرام على المسلمين، بغير خلاف بينهم، وعندنا أن الخمر ليست بمملوكة للمسلم، فكيف يجوز بيع غير المملوك، والبيع لغير المملوك لا ينعقد، ولا يملك الثمن، فكيف يكون حلالا له.
وشيخنا أبو جعفر، قال في مسائل الخلاف، في الجزء الثاني من كتاب الرهن: مسألة: الخمر ليست بمملوكة، ثم قال في استدلاله: ومن ادعى حجة أنه يملكها، فعليه الدلالة (1).
ثم قال شيخنا أبو جعفر أيضا، في مبسوطه، في الجزء الثاني في كتاب الرهن:
إذا استقرض ذمي من مسلم مالا، ورهن عنده بذلك خمرا، يكون على يد ذمي آخر يبيعها عند محل الحق (2) فباعها، وأتى بثمنها، جاز له أخذه، ولا يجبر عليه، وإذا كانت المسألة بحالها، غير أن الخمر كانت عند مسلم، وشرط أن يبيعها عند محل الحق (3) فباعها وقبض ثمنها، لم يصح، ولم يكن لبيع المسلم الخمر وقبض ثمنها حكم، ولا يجوز للمسلم قبض دينه منه، هذا آخر كلام شيخنا أبي جعفر في مبسوطه (4).
ألا تراه قيدها هنا، وفرق بين بيع الذمي الخمر، وبين بيع المسلم لها، فقيد ما أطلقه في نهايته، وإنما يورد أخبار الآحاد، وغير الآحاد في النهاية إيرادا، مطلقا على ألفاظها، لا اعتقادا، لأنه كتاب خبر، لا كتاب بحث ونظر، على ما أشرنا إليه من قبل.
وأيضا قول الرسول عليه السلام: إن الله إذا حرم شيئا، حرم ثمنه (5)، والخمر محرمة بالإجماع، فيجب أن يكون ثمنها محرما، لا محللا، ولنا في ذلك - أعني بيع الخمر، وهل يحل قبض الدين من ثمنها - جواب مسألة وردت من حلب علينا