فيمكن أن يقال: إن مطلق الكلاب عدا الكلاب المهملة التي في الأزقة والأسواق، مما زالت عنها ملكة الاصطياد والتكالب: داخل في عنوان الكلب الذي يصطاد والصيود، ولا يصح أن يقال: إنها لا يصطاد أو ليست بصيود، وإن كانت الماشية والحراسة ونحوهما، والكلب ما لم تكن له ملكة الاصطياد لا يتخذ للماشية وحفظ الأغنام ونحوهما، فالكلاب على صنفين (أحدهما) ما زالت عنها صفة التصيد وهي التي صارت مهملة، ولم يكن لها التكالب، وهي الكلاب الدائرة في الأزقة مهملة، أو العائشة على صدر صاحبها العياش الملاعب بها، والمؤانس معها على تأمل في الثانية، (وثانيهما) ما بقيت على صفتها وسلكتها السبعية، وهي صيود وسبع بطبعها، وصادق عليها أنها تصيد وتصطاد، سواء اتخذت للاصطياد، أو لحفظ الأغنام، أو لحراسة البلد، أو القرية أو المزارع ونحوها، فالميزان في جواز البيع هو صدق الوصف عليها لا استعمالها في الصيد أو اشتغالها به، والظاهر صدق العناوين على جميع الأنواع، فكلاب الأغنام والمواشي صيود، تصيد الذئب والغزال وغيرهما ولو فرض بعيد اسلب صفة الاصطياد، عن بعض ما يتخذ للحراسة يمكن الحكم بصحة معاملته، بعدم القول بالفصل، بل وبالاستصحاب (تأمل).
إن قلت: لو فرض صدق العناوين لغة وعرفا لكن الأخبار منصرفة إلى الكلاب المستعملة للتصيد قلت: نمنع انصراف ذلك الوصف العنواني سيما مع مقابلة الصيود للذي لا يصيد، فإن الثاني أعم من الكلاب المتخذة للصيد، وزالت عنها صفتها وليس منحصرا بقسم منها، وكذا الأول مع أن الميزان الانصراف في زمان الصدور ولم يتضح الانصراف فيه (تأمل).
نعم كلب الصيد عبارة عن الكلب الذي اتخذ له، ويكون شغله ذلك، إذ هو منصرف إليه أو منصرف إلى خصوص السلوقي منه، بخلاف الذي يصيد.
وإن شئت قلت: إن العناوين والمشتقات مختلفة، في إفادة المعنى عرفا، ألا ترى أن الماء الجاري لا يصدق عرفا إلا على ما يكون جريانه عن منبع تحت أرض ونحوه، ولا يصدق على الماء الذي جري من كوز وجرة ونحوهما مع صدق جري الماء