ثم إنه بعد ادراك العقل قبح ذلك، أي الإعانة على الإثم وتهيئة أسباب المنكر والمعصية: لا يمكن تخصيص حكمه وتجويز الإعانة عليها في مورد، كما لا يمكن تجويز المعصية، كما يشكل التخصيص أيضا لو كان الدليل عليه مثل قوله حكاية عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لعن الخمر وغارسها (الخ) بناء علي إلغاء الخصوصية عن الطوائف العشر إلى كل معين لشربها، أو إلى كل معين لمعصية، لكن الثاني ممنوع لأنه مخصوص بالخمر ولا يتعدى إلى غيرها، ولا يجوز إلغاء الخصوصية عنها. (نعم) لو كان الدليل مثل قوله ولا تعاونوا على الإثم والعدوان لا منع من تخصيصه.
ثانيها قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم و العدوان (1) واستشكل عليه الفاضل الإيرواني (2) تارة بأن مؤداها الحكم التنزيهي بقرينة مقابلته للأمر بالإعانة على البر والتقوى الذي ليس للالزام قطعا، وأخرى بأن قضية باب التفاعل هو الاجتماع على اتيان المنكر كأن يجتمعوا على قتل النفوس ونهب الأموال، لا إعانة الغير على اتيانه على أن يكون الغير مستقلا وهذا معينا له باتيان بعض مقدماته.
ويرد على الأول أنه لو سلمت في سائر الموارد قرينية بعض الفقرات على الآخر بما ذكر: لا يسلم في المقام لا تناسب الحكم والموضوع وحكم العقل شاهدان على أن النهي للتحريم، مضافا إلى أن مقارنة الإثم والعدوان الذي هو الظلم: لم تبق مجالا لحمل النهي على التنزيه، ضرورة حرمة الإعانة على العدوان والظلم كما دلت عليها الأخبار المستفيضة، وحمل العدوان على غير الظلم كما ترى، وعلى الثاني: أن ظاهر مادة العون عرفا وبنص اللغويين: المساعدة على أمر و المعين هو الظهير والمساعد، وإنما يصدق ذلك فيما إذا كان أحد أصيلا في أمر و أعانه غيره عليه، فيكون معنى (لا تعاونوا على الإثم والعدوان) لا يكن بعضكم لبعض