التذكرة (1) إن سوغنا بيع كلب الصيد صح بيع كلب الماشية والزرع والحائط، لأن المقتضي وهو النفع حاصل، واستدل على عدم جواز إجارة الخنزير وبيعه، بأن لا منفعة فيه.
وقال: (2) يجوز بيع كل ما فيه منفعة، لأن الملك سبب لاطلاق التصرف، والمنفعة المباحة كما يجوز استيفائها يجوز أخذ العوض عنها، فيباح لغيره بذل مال فيها. إلى غير ذلك من كلماته. وقد مر عن شرح الإرشاد للفخر، والتنقيح للمقداد، (في الأعيان النجسة) إنما يحرم بيعها لأنها محرمة الانتفاع، وكل محرم الانتفاع لا يصح بيعه. هذا مع أن تحصيل الاجماع أو الشهرة المعتمدة في مثل هذا المسألة التي تراكمت فيها الأدلة، وللاجتهاد فيها قدم راسخ: غير ممكن، سيما مع تمسك جملة من الأعيان بالأدلة اللفظية هذا حال الكبرى الكلية، ولا بد في الاستنتاج من البحث الكلي عن صغريها، ثم البحث عن جزئيات المسائل.
فنقول: لا شبهة في أن الأصل الأولى (كأصالتي الحل والإباحة، وعموم خلق ما في الأرض جميعا لنا) جواز الانتفاع بكل شئ، من كل وجه، إلا ما قام الدليل على التحريم، وقد ادعى الأصل الثانوي على حرمة الانتفاع بالأعيان النجسة وبالمتنجسات مستدلا بالكتاب والسنة والاجماع.
فمن الأول قوله تعالى (3) إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه، بدعوى رجوع الضمير إلى الرجس، وأن وجوب الاجتناب عن المذكورات لانسلاكها فيه، أما حقيقة كالخمر، أو ادعاء كغيرها، وأن الرجس هو النجس المعهود، ووجوب الاجتناب عن الشئ يقتضي عدم الانتفاع بشئ منه، وإلا لم يناسب التعبير بالاجتناب والتباعد عنه، فتدل على حرمة الانتفاع مطلقا عن كل رجس ونجس.