رخص في أن يقال: جئناكم جئناكم حيونا حيونا (1) نحييكم فقال: كذبوا إن الله عز وجل يقول: وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ثم قال: ويل لفلان مما يصف. رجل لم يحضر المجلس. وهي تدل على حرمة الغناء بمثل تلك العبارة الغير اللهوية الغير الباطلة بل الشريفة على نسخة حيونا ولو لم يكن محرما كان رخصه رسول الله صلى الله عليه وآله فلم ينكره أبو عبد الله عليه السلام ذلك الانكار مع التمسك بالآية الدالة على قذف الله الحق بالباطل ليدمغه وتعقيبه بقوله:
ويل لفلان مما يصف.
والظاهر أن المراد به رجل غايب كان ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الترخيص فيه فلا شبهة في دلالتها على الحرمة ولا في اطلاقها لقول حق أو باطل، ومنها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه (2) قال سألته عن الرجل يتعمد الغناء يجلس إليه قال: لا، إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة فلا مجال لانكار اطلاقها.
ومنها دعوى انصراف الأدلة إلى الغناء المتعارف المعهود في زمن بني أمية وبني العباس كما هو من متمسكات الكاشاني والخراساني في جملة من كلامهما، (وفيه) مضافا إلى عدم مجال لهذه الدعوى في بعض الروايات كصحيحة علي بن جعفر الأخيرة الظاهرة في المنع عن الجلوس عند من يتغنى من غير أن يكون هنا معاصي أخر كالمزامير وغيرها كما هو ظاهرها وكحسنة عبد الأعلى الدالة على أن التغني بمثل ألفاظ التحية أيضا حرام ومن الباطل وهي مفسرة لسائر الروايات أيضا وشارحة للمقصود من كون الغناء باطلا بأنه بذاته باطل ولهو وزور لا بملحقاته وبمدلول الكلام المعروض له بل يدفع بها توهم الانصراف في سائر الروايات أيضا لحكومتها على غيرها وتعميمها لو فرض الانصراف للحكومة كما لا يخفى على المتأمل: أن كون غالب أفراده ما يتعارف في عصر الخبيثتين من اشتمالها على محرمات أخر