بل لا يبعد جواز التمسك بدليل الرفع مع الغض عن الاستصحاب فينقح به الموضوع والتفصيل يطلب من محله، هذا حال القواعد، وأما الأخبار فمنها ما هي مربوطة بالاستحلال وهي على طوائف:
منها ما تدل على أن عدم الاغتياب وستر عورة المؤمن حق للمؤمن على المؤمن وهي روايات، أوضحها دلالة رواية الكراجكي (1) عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لابراء له منها إلا بالأداء أو العفو وفيها ويستر عورته إلى أن قال: ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له من الشر ما يكره لنفسه ثم قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا فيطالبه به يوم القيامة فيقضى له وعليه، فإن الظاهر منها صدرا وذيلا أن تضييع حق ستر العورة وعدم الغيبة موجب لنحو عهدة للمغتاب لابراء له إلا بالعفو وأن من يدع من حقوق أخيه شيئا يكون مطالبا به فيحكم له عليه يوم القيامة فهي صريحة في ثبوت حق له عليه بتضييع حقه يحتاج إلى العفو:
ومنها ما دلت على أن الله لا يغفر ذنب المغتاب حتى يفغر صاحب الغيبة له (2) وفي بعضها لا تغفر إلا أن يحلله صاحبه (3) وفي بعضها من كانت لأخيه عنده مظلمة في عرض أو مال فليستحلها (4) وفي بعضها لا يعذب الله مؤمنا بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه واغتيابه للمؤمنين (5)، ومقتضى تلك الروايات بعد قرينية بعضها لبعض أن بالغيبة يثبت حق للمؤمن على أخيه وتحليله شرط صحة توبته أو قبولها وأن الاستحلال لأجل برائته من حقه والبراء لأجل صحة توبته وغفران الله جل ذكره له.