صدقها قصد المعين لتوصل الفاعل إلى الحرام، وثالثة في أنه هل يعتبر قصد المعان عليه الحرام، أو يكفي تخيل المعين أنه قصده، ورابعة في أنه هل يعتبر علم المعين أو ظنه بترتب الإثم على ما يوجده. وخامسة في أنه هل يعتبر العلم بتوقف الإثم على خصوص هذه المقدمة أو لا.
أما الأول فقد يقال باعتباره لأن الظاهر من قوله: لا تعاونوا على الإثم أي على تحققه وهو لا يصدق إلا معه، فإذا لم يتحقق خارجا وأوجد شخص بعض مقدمات عمله لا يقال: إنه أعانه على إثمه لعدم صدوره منه، وما يصدر منه كيف يكون ذلك إعانة على إثمه، وبالجملة الإعانة على تحقق الإثم موقوفة على تحققه وإلا يكون من توهم الإعانة عليه لا نفسها ويكون تجريا لا إثما، ولهذا لو علم بعدم تحققه منه لا يكون ايجاد المقدمة إعانة على الإثم بلا شبهة.
ولكن يمكن أن يقال: إن المفهوم العرفي من الإعانة على الإثم هو ايجاد مقدمة ايجاد الإثم وإن لم يوجد، فمن أعطى سلما لسارق بقصد توصله إلى السرقة فقد أعانه على ايجادها، فلو حيل بين السارق وسرقته شئ ولم تقع منه يصدق أن المعطي المسلم: أعانه على ايجاد سرقته وإن عجز السارق عن العمل، فلو كان تحقق السرقة دخيلا في الصدق فلا بد وأن يقال: إن المعتبر في صدق الإعانة ايجاد المقدمة الموصلة، أو الالتزام بأن وجود السرقة من قبيل الشرط المتأخر لصدق الإعانة وكلاهما خلاف المتفاهم العرفي منها بل هما أمران عقليان.
أو يقال: لا يصدق عرفا الإعانة على الإثم حتى وجدت السرقة، فالفعل المأتي به لتوصل الغير إلى الحرام: مراعى حتى يوجد ذو المقدمة وبعده يقال إنه أعانه عليه وهو أيضا خلاف الواقع، (أو يقال) إن صدق الإعانة عليها فعلا باعتبار قيام الطريق العقلائي على وجود الإثم وبعد التخلف يكشف عن كونها تجريا لا إعانة، وهو أيضا غير صحيح لأن الطريق العقلائي عليه لا يتفق إلا أحيانا ومع عدم القيام أيضا يقال: أعانه على ايجاده، فمن أعطى جصا لتعمير مسجد يقال: إنه أعان على تعميره قبل تحققه بل مع عروض مانع عنه، ولهذا يصح أن يقال: إني أعنت فلانا