طبيعة الغناء الذي عبارة عن صوت مطرب ولو اقتضاء، وقد تقدم أن المواد غير دخيلة في حرمة الغناء وموضوعه بلو لم يحصل الطرف في المراثي فإنما هو لمضامين الكلام، وأما نفس الصوت بما هو مطرف مع كونه غناء فموضوع المحرم متحقق ولو فرض منع مواد الكلام عن حصول الطرب فعلا، مضافا إلى ممنوعية عدم حصول الطرب أحيانا فإن الغناء قد يكون محزنا والطرف خفة ربما تحصل من الحزن أو شدته.
بقي الكلام في الأخبار التي تمسك بها، كموثقة حنان بن سدير (1) قال: كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجاءت إلى أبي فقالت يا عم أنت تعلم أن معيشتي من الله ثم هذه الجارية فأحب أن تسأل أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فإن كان حلالا، وإلا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي الله بالفرج فقال لها أبي: والله إني لأعظم أبا عبد الله أن أسأله عن هذه المسألة قال: فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك فقال أبو عبد الله عليه السلام: أتشارط؟ فقلت: والله ما أدري تشارط أم لا، فقال: قل لها: لا تشارط وتقبل ما أعطيت، وصحيحة أبي بصير (2) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: لا بأس بآجر النائحة التي تنوح على الميت إلى غير ذلك بدعوى أن النوح لا يكون إلا مع التغني، أو أن مقتضى الاطلاق شمول الغناء (وفيه) منع عدم كون النوح إلا معه بل الظاهر أن عنوان الغناء غيره، وهما بحسب الحقيقة مختلفان بل متقابلان، ففي المنجد: ناحت المرأة الميت وعلى الميت: بكت عليه بصياح وعويل وجزع، ولو فرض أنه نفس الصوت الخاص لا البكاء فخصوصيته مغايرة لخصوصية الغناء كما يشهد بها العرف، وتشهد بها رواية دعائم الاسلام (3) عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: صوتان ملعونان يبغضهما الله، اعوال عند مصيبة، وصوت عند نعمة، يعني النوح والغناء، ورواية عبد الله بن سنان (4) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: