بحسب القواعد عدم حرمته بهذا العنوان وصحة المعاملة عليه، وبيع السلاح لأعداء الدين ليس من مستثنيات هذا العنوان بل له عنوان خاص ينبغي البحث عنه مستقلا فنقول: ينبغي تقديم أمر قبل النظر إلى الأخبار، وهو أن موضوع البحث ليس مطلق ما ينطبق عليه عنوان السلاح كائنا ما كان، بل الموضوع ما كان سلاح الحرب فعلا، وهو يختلف بحسب الأزمان فربما كان شئ في زمان ومكان سلاح الحرب دون آخر، ففي الأزمنة القديمة كانت الأحجار الخاصة والفلاخن والأخشاب آلة له إثم انقرض زمانها وخرجت تلك الآلات عن صلاحية السلاح فقامت مقامها أسلحة أخرى كالسيف والرمح والعمود والنيزك والترس والدرع ونحوها ثم انقرضت هي وقامت مقامها غيرها إلى هذه الأعصار فالمراد من السلاح في موضوع البحث سلاح اليوم أي الذي يستعمل في الحروب لا ما انقرضت أيامه وخرجت عن الاستعمال فيها، فإن أراد بعض أعداء الدين و أهل الحرب حفظ الأسلحة القديمة لقدمتها وكونها عتيقة: لا مانع من بيعها وخارج عن موضوع بحث بيع السلاح من أهل الحرب بلا ريب كما لا يخفى، وكذا ليس المراد مطلق أعداء الدين، فإن كل مخالف لنا في ديننا فهو عدونا في الدين لكن موضوع البحث أخص منه وهو الدولة المخالفة للاسلام أو الطايفة الكذائية، فلا ينبغي الكلام في جواز بيعه من يهودي في بلد المسلمين تابع لهم لولا جهات أخر.
ثم اعلم أن هذا الأمر أي بيع السلاح من أعداء الدين من الأمور السياسية التابعة لمصالح اليوم فربما تقتضي مصالح المسلمين بيع السلاح بل اعطائه مجانا لطائفة من الكفار، وذلك مثل ما إذا هجم على حوزة الاسلام عدو قوي لا يمكن دفعه إلا بتسليح هذه الطائفة وكان المسلمون في أمن منهم، فيجب دفع الأسلحة إليهم للدفاع عن حوزة الاسلام وعلى والي المسلمين أن يؤيد هذه الطايفة المشركة المدافعة عن حوزة الاسلام بأية وسيلة ممكنة، بل لو كان المهاجم على دولة الشيعة دولة المخالفين مريدين قتلهم وأسرهم وهدم مذهبهم: يجب عليهم دفعهم ولو بوسيلة تلك الطائفة المأمونة، وكذا لو كانت الكفار من تبعة حكومة الاسلام ومن مستملكاتها وأراد الوالي دفع أعدائه بهم إلى غير ذلك مما تقتضي المصالح.