وهل تجوز فيما جاهر به في محيط لم يجاهر به وكان متسترا عنه فيه: الأحوط عدمه، بل لا يبعد دعوى انصراف الأدلة عنه ولو بمناسبات مغروسة في الأذهان، وبملاحظة الروايات المستفيضة الواردة في الاهتمام بأعراض المسلمين وحرمتها وعدم جواز إذاعة سرهم واحتقارهم وإهانتهم.
ثم المراد بالمتجاهر من أن متجاهرا بالفسق غير مبال عن ظهوره لدى الناس فمن جاهر بفسق مع توجيهه لدى الناس بوجه يمكن صحته ولو بعيدا: لم يكن متجاهرا جائز الغيبة ولو علم كذبه في محمله، فضلا عما إذا احتملت صحته ولو بعيدا، فلا بد في الحكم بالجواز من احراز كونه متجاهرا بالفسق بما هو فسق من غير احتمال الصحة أو احتمال اعتذاره بعذر غير معلوم الفساد لم علم من طريق العقل والنقل احترام المسلم والاهتمام بشأنه وأن عرضه كدمه لا بد فيه من الاحتياط، ولا يجوز التمسك بالأصول في جواز الوقيعة فيه بدعوى أنه مع احتمال كونه متجاهرا بالفسق تكون الشبهة في العمومات مصداقية ومعها يكون الأصل البراءة، فإنه مخالف لمذاق الشارع الأقدس، ولما يستفاد من الأخبار الكثيرة: من كثرة الاهتمام بأعراض المؤمنين، مع أن الأصل عدم كونه متجاهرا أو عدم تحقق موضوع الجواز فإن الجهر به حادث مسبوق بالعدم فيحرز به موضوع حرمتها نعوذ بالله من تسويلات الشياطين وحفظنا وإياكم من الوقيعة في أعراض المسلمين.
ثم إن مقتضى اطلاق الأدلة آية ورواية حرمة غيبة الفاسق الغير المتجاهر و لو كان مصرا بفسقه، خلافا للطريحي في مجمع البحرين (1) فجوز غيبته متمسكا بعدم عموم في الغيبة من طرقنا والعمومات كلها من طرق العامة، وبالجملة من الروايات الدالة على اختصاص التحريم بمن يتصف بصفات مخصوصة كصحيحة ابن أبي يعفور، وموثقة سماعة بن مهران المتقدمتين بل يظهر منه أن الحكم بالجواز معروف حيث قال: وبما ذكرناه يظهر أن المنع من غيبة الفاسق المصر كما يميل إليه كلام بعض من تأخر ليس بالوجه، وربما يؤيد كلامه ببعض الروايات الضعيفة