يكون بقاء الاستحباب مخالفا لارتكاز المتشرعة يكشف ذلك عن قيد في دليل الاستحباب، كما لو فرض أن اكرام الضيف بالمحرم لم يكن مستحبا بارتكاز المتشرعة أو بدليل آخر يكشف ذلك عن قيد في دليل استحبابه، كما ورد في صحيحة صفوان بن يحيى (1) عن أبي عبد الله عليه السلام لا تسخطوا الله برضى أحد من خلقه (تأمل).
ثم لو قلنا بتعارض الأدلة فالترجيح لأدلة حرمة الغناء بوجوه تأتي الإشارة إليها قريبا انشاء الله بنا على دخول العامين من وجه على فرض تعارضهما في أدلة العلاج ولو مناطا، أو بإلغاء الخصوصية أو باستفادته من روايات العلاج، فتحصل من جميع ذلك أو التمسك لجواز التغني بالقرآن والمراثي بالأصل بعد تعارض الأدلة (غير وجيه) كما أن التشبث بتعارف التغني في المراثي في بلاد المسلمين من زمن المشايخ إلى زماننا من غير نكير وهو يدل على الجواز غالبا كما قال به المحقق الأردبيلي (2) (غير وجيه)، لأن التمسك إما بسماع المشايخ وعدم منعهم وانكارهم، فلا حجة فيه بعد اختلاف الاجتهادات مع ممنوعية كون عملهم عليه، بل فيهم من منعه أرقام من مجلسه، ولعل كثيرا منهم لا يمنعه لاشتباه في الموضوع والشك في تحققه، كما أن الأمر كذلك غالبا بل الغالب عدم تحققه، أو يكون باتصال سيرتهم إلى زمن المعصومين (ع)، فهو ممنوع لأن تلك المجالس المرسومة في هذه الأعصار لم تكن معهودة قبل عصر الصفوية بهذا الرواج، وأما في عصر الأئمة (ع) وبعده إلى مدة مديدة فلا شك في عدم تعارف انعقادها رأسا فضلا عن التغني فيها بمرئى ومنظر من المعصومين (ع) حتى يكشف عدم الردع عن الجواز أو الاستحباب.
وأما ما أيد به مذاهبه من أن التحريم للطرب علي الظاهر ولهذا قيد بالمطرب وليس في المراثي الطرب بل ليس إلا الحزن (ففيه) منع كونه للطرب بل الممنوع بمقتضى اطلاق الأدلة