عدم الداعي للناس في ايقاع هذا النحو من المعاملة في ردعهم عنها: يمكن أن تكون نكتة لعدم التعرض لها في الضابطين، وإنما تعرضنا لما ذكر مع عدم صلوح الرواية لاثبات حكم لتعرض بعض أعيان المدققين لها بما لا مزيد عليه (1) وفي كلامه الشريف مواد نقض وإبرام تركناها مخافة التطويل، فتحصل مما ذكران عد هذا النوع في المقام لا يخلو من وجه، وإن كان الأقوى ما عرفت.
ثم إن ما لا منفعة معتد بها لدى العقلاء على أنحاء:
منها ما لا منفعة له مطلقا لا عاجلا ولا آجلا، ولا يرجى منه المنفعة كذلك، ولا يكون في نفس المعاملة به منفعة عقلائية أو غرض عقلائي نوعي أو شخصي كما لو توهم المتعاملان منفعة فيما لا نفع له فأوقعا المعاملة ثم انكشف الخلاف.
ومنها ما لا منفعة فيه مطلقا لكن كان للمشتري غرض عقلائي نوعي أو شخصي في اشترائه، كما لو هجمت الهوام المؤذية بالزراعات على مملكة فتعلق غرض الوالي بدفعها من ناحية اشترائها بثمن غال تشويقا إلى جمعها أو على مزرعة شخصية فأراد صاحبها ذلك.
ومنها ما له منفعة لا يعتد بها العقلاء فحينئذ تارة تكون بحيث يعد بلا منفعة لديهم، وأخرى تكون له منفعة لكنها نادرة فلما؟ يتفق الانتفاع بها، ثم قد يكون عدم النفع لخسته كالخنفساء مثلا، أو لقلته كحبة من الحنطة فإن لها منفعة بمقدارها لكن لا تعد منفعة عقلائية، وقد تكون له منفعة عقلائية لكن ابتذاله وكثرته جعله كما لا منفعة له ولا يقابل لذلك بالمال كماء الشطوط لسكان سواحلها، فعلى أول الفروض فإن كان عدم المنفعة لخسته فلا ينبغي الاشكال في بطلانها وهو المتيقن من معقد الاجماع المحكي عن المبسوط (2) و غيره، ويدل عليه مضافا إلى ذلك عدم صدق واحد من عناوين المعاملات عليها