فرع كما لا يجوز بيع الميتة للمنفعة المحرمة (كالأكل منفردا) لا يجوز بيعها في ضمن المشتبه بالمذكى، وكذا لا يجوز بيع المذكى الواقعي بينهما، لعدم جواز الانتفاع بواحد منهما عقلا، للعلم الاجمالي المنجز للواقع، فيكون أخذ المال في مقابل المذكى الذي سقط الانتفاع به مطلقا، أكلا للمال بالباطل. هذا مع كون المشتري مسلما، وكذا لو كان كافرا وقلنا: إن الكفار مكلفون بالفروع (كما هو الأقوى). وأما لو قلنا: بعدم كونهم مكلفين بها، وجاز لهم أكل الميتة، والتصرف فيها، فالظاهر جواز بيع الواقعي المذكى منه، لأن المسلم جاز له الانتفاع بالمذكى الواقعي مع الامكان، وأخذ المال في مقابله انتفاع به، والكافر جاز له الانتفاع بالمشتبهين فرضا، ولا دليل على لزوم كون المبيع بشخصه ممكن الانتفاع للبايع، ولهذا لو كان البايع والمشتري مسلمين، واشتبه المذكى بالميتة لدى البايع دون المشتري، صح بيع المذكى الواقعي من المسلم العالم بالواقع، وليس أخذ المال بإزائه أكلا له بالباطل.
نعم مع جهل المشتري أيضا لا يجوز البيع بقصد المذكى الواقعي (كما مر) إلا أن يقال بعدم جريان أصالة عدم التذكية في المشتبهين، ولو لم يلزم من جريانهما مخالفة عملية (كما فيما نحن فيه) وقلنا: بجريان أصالة الحل في أحدهما تخييرا. فحينئذ يمكن أن يقال: بجواز البيع بالقصد المذكور (كما اختاره الشيخ الأنصاري (1) ويأتي الكلام فيه).
ويمكن أن يقال: بجواز بيع أحدهما مخيرا، فللبايع أن يختار أحدهما، ويبيعه من مسلم وغيره بمقتضى أصالة الحل وقال بعض المدققين (2) إن أصالة الحل لا يثبت بها إلا جواز الأكل ولا يحز بها المذكى الواقعي والمفروض عدم جواز بيعه الميتة الواقعية فمع الشك في تحقق الموضوع القابل للنقل والانتقال، يحكم بأصالة عدم الانتقال وإن لم يكن هناك أصل يثبت به عدم كونه مذكى، وذلك نظير المال المردد بين كونه مال الشخص أو مال غيره، فإنه وإن قلنا: بجواز أكله إذا لم يكن مسبوقا