وأما ما قيل في وجه عدم الجواز بندرة الانتفاع بها فلا تكون متمولة لدى العقلاء، أو باسقاط الشارع ماليتها فلا يجوز بيعها: فلا يخفى ما فيهما. فإنه بعد ما نرى أنها ذات منفعة عقلائية متداولة شايعة، كيف يقال: أنها نادرة أو غير متمولة لدى العقلاء، ومالية الشئ تبع للخواص والمنافع المترتبة عليه. ولم يدل دليل على اسقاط الشارع ماليتها. فالأشبه بالقواعد الجواز، وإن كان الحكم به مشكلا من حيث عدم العثور على استثناء أحد عذرة الانسان من عدم جواز بيع الأعيان النجسة، وظهور كلماتهم في مطلق العذرات النجسة، كعبارات المتون الفقهية وغيرها، واحتمال أن يكون مرادهم بالسرجين النجس مطلق العذرات، ومظنونية رجوع قيد عدم الخلاف في محكي المبسوط إلى الحكمين جميعا، وخصوص اجماع النهاية الكاشف لا أقل ولو ظنا عن اشتهار الحكم بينهم، وفهم المتأخرين عن عبارة الشيخ دعوى الاجماع على المطلق، بل لعلهم أرسلوا الحكم في عذرة الانسان إرسال المسلمات، يستدل بها على غيرها، كما تقدم عن العلامة، وعن الشيخ في الإستبصار في مقام جمع الأخبار حمل أخبار المنع على عذرة الانسان (إلى غير ذلك) مما يعثر عليه المتتبع.
فالحكم بعدم الجواز أحوط، بل لا يخلو من رجحان، سيما مع احتمال كون العذرة اسما للأعم، كما لعله تشهد به صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع (1) في أحكام البئر، وفيها: أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها، واقتضاء انقلاب النسبة (بالتقريب المتقدم) عدم جواز بيع عذرة غير المأكول مطلقا، وليست لعذرة الانسان منفعة غير التسميد المحلل، فلا يحتمل أن يكون مرادهم نفي الجواز في غير مورد المنفعة المحللة. واحتمال أن يكون مرادهم سلب المالية العقلائية فكان حكمهم بعدم الجواز لأجله (كما قالوا في الحشرات ونحوها: بعيد جدا. فإذن فرق بين المقام وبين مثل الدم الذي كان نفعه المتداول محرما، لاحتمال أن يكون حكمهم بعدم الجواز فيه لفقدان نفع محلل، بخلاف العذرة