قريب منها، وعنه صلى الله عليه وآله أيضا في حديث (1) قاتل الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه (أي أذابوه) ثم باعوه وأكلوا ثمنه، بناء على أن للشحوم منفعة نادرة محللة على اليهود فيقال: لولا أن المنفعة النادرة كالمعدومة في نظر الشارع، لما منعهم عن بيعه لأجلها، ومثل رواية التحف، ففيه ما لا يخفى، أما الاجماع فلأن العمدة هو الاجماع المحكي عن المبسوط (2) كل ما ينفصل من الآدمي من شعر ومخاط ولعاب وظفر وغيره: لا يجوز بيعه اجماعا لأنه لا ثمن له ولا منفعة فيه وعن موضع آخر منه فإن كان مما لا ينتفع به فلا يجوز بيعه بلا خلاف مثل الأسد والذئب وسائر الحشرات.
وهما كما ترى دعوى الاجماع وعدم الخلاف على ما لا منفعة فيه ولا ينتفع به حتى الثانية، لأن المذكورات من قبيل الأمثلة بنظره وتشخيصه، لا من معقد الاجماع، ضرورة أنه لم يدع الاجماع ولم يقم ذلك على عنوان الأسد والذئب وغيرهما، و الظاهر من معقدهما ما لا ينتفع به مطلقا وما لا منفعة له كذلك، ولو حملا على عدم الانتفاع العقلائي كما تقدم لا بأس به، لكن التعدي إلى ما يكون له المنفعة العقلائية النادرة مما لا وجه له، وأضعف منه التمسك بالروايات فإنها مع الغض عن سندها ظاهرة في أن اليهود باعوها للمنفعة المحرمة كما يشعر به التعليل الوارد فيها مع عدم معلومية حلية بعض المنافع لهم، ورواية التحف متعرضة للمعاملات المتعارفة، بل يمكن التمسك بها لصحة المعاملة في بعض الصور المتقدمة فالأقوى هو ما تقدم.
القسم الرابع الاكتساب بما هو حرام في نفسه، والبحث فيه تارة عن حرمة عنوان الكسب وأن الإجارة على المحرم محرمة أو لا، وأخرى عن حرمة الثمن بعنوان كونه ثمن الحرام، وثالثة عن حكمه الوضعي، وقد تقدم أن المقصود الأصلي بالبحث ههنا هو العنوانان الأولان، وأن الثالث استطرادي يناسب البحث عنه في شرايط العوضين في الإجارة.