والحداء، فلا شبهة في أن المراد بترجيع القرآن الصوت الحسن في مقابل ترجيع الغناء، وهو الذي يحبه الله تعالى وورد به ترغيب أكيد، وهو الذي حكى عن رسول الله صلى الله عليه وآله (1) أنه قال: لم تعط أمتي أقل من ثلاث: الجمال والصوت الحسن والحفظ، فإن الغناء ليس من اعطاء الله تعالى ابتداء بل لا بد فيه من التعلم، والظاهر من الرواية أنه كالجمال والحفظ.
ومما ذكرناه يظهر الجواب عن مرسلة الصدوق (2) قال: سأل رجل علي بن الحسين عن شراء جارية لها صوت فقال: ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنة يعني بقراءة القرآن والزهد والفضائل التي ليست بغناء فأما الغناء فمحظور، فإن التفسير لو كان للإمام عليه السلام فهي شاهدة جمع بين الأخبار كبعض ما تقدم وإن كان من الصدوق كما هو الأقرب، فالصوت في الرواية محمول على الصوت الحسن فتصير كساير الروايات، وأما الحمل على الغناء بدعوى أن الصوت قد يراد به الغناء كما فسره به بعض اللغويين، وفي المنجد الصوت معروف، كل ضرب من الغناء، و فسره به في رواية دعائم الاسلام المتقدمة: بعيد عن الصوات سيما مع تنكيره، فإن الظاهر منه أن لها صوتا حسنا لا أنها تعلم بعض المقامات الموسيقية وبحورها، بل الظاهر أن هذا الاصطلاح على فرض ثبوته متأخر عن زمن السجاد عليه السلام ولعله صار مصطلحا في عصر الرشيد.
ثم إنه يظهر من المحقق في كتاب الشهادات (3) استثناء الحداء من الغناء حكما وهو المحكي عن العلامة في القواعد (4) والشهيد في الدروس (5) والخراساني (6) بل عنه دعوى الشهرة عليه، وفي شرح الفقيه للمجلسي