حتى يتشبث بالاستثناء لتجويزها، ولو سلم الاطلاق في المستثنى منه كما لا تبعد دعوى الفهم العرفي على تأمل فلا يسلم في المستثنى، لعدم احراز كونه في مقام البيان فيه، فلو دلت على أن كل من ظلم يجوز له الجهر بالسوء لا تدل على جواز التقول بكل سوء والاجهار بكل قول وعند كل أحد ومع معلومية الظالم وذكره باسمه، لعدم اطلاق في عقد الاستثناء، كما لعله يشهد له ما روي في مجمع البيان (1) عن أبي جعفر عليه السلام قال: في معناه أقوال: أحدها لا يحب الله الشتم في الانتصار إلا من ظلم فلا بأس له أن ينتصر ممن ظلمه مما يجوز الانتصار به في الدين عن الحسن والسدي، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام ونظيره، وانتصروا من بعد ما ظلموا قال الحسن:
ولا يجوز للرجل إذا قيل له يا زاني أن يقابل له بمثل ذلك من أنواع الشتم (انتهى) وهو مبني على عدم اطلاق فيها لا في المستثنى منه ولا في المستثنى.
نعم ظاهر رواية العياشي (2) عن أبي عبد الله في قول الله: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال: من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه، ورواية الطبرسي في مجمعه (3) عنه عليه السلام في قوله تعالى: إن الضيف ينزل بالرجل فلا يحسن ضيافته فلا جناح عليه أن يذكر سوء ما فعله، اطلاق الآية وشمولها لأنواع الظلم وجواز غيبة الظالم مطلقا لكنهما مع ضعفهما معارضتان بما عن أبي جعفر عليه السلام آنفا فإن الظاهر منها عدم جواز غيبة الظالم وإنما يجوز الانتصار منه بما يجوز في الدين (تأمل) ومنها قوله تعالى: ولمن أنتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق (4) وهو أوضح دلالة وأشمل مفادا من الآية المتقدمة سواء كان المراد من الانتصار طلب النصر كما هو أحد معانيه