ثم لو قلنا بحرمة البيع فهل يقع صحيحا أو لا، والتفصيل أن يقال إن المعاملة قد تقع معاطاة وقد تقع بالصيغة، فالأقوى صحتها على الأول، لأن المحرم عنوان آخر منطبق على المعاملة الخارجية، سواء كان المستند حكم العقل بقبح تهيئة أسباب المحرم أو وجوب دفع المنكر أو حكم الشرع بوجوب دفعه أو حرمة التعاون عليه، لأن موضوعات تلك الأحكام عناوين غير نفس المعاملة وبينهما عموم من وجه، والموضوعات الخارجية مجمع لهما، ولكل منهما حكمه، ومن ذلك يدفع استبعاد تنفيذ الشارع سببا يؤدي إلى مبغوضه، لأن التنفيذ لم يقع إلا على عنوان البيع ونحوه وهو ليس بمبغوض، وكون عنوان آخر منطبق على ما ينطبق عليه عنوان المعاملة مبغوضا: لا يوجب تنفيذ المبغوض، وعلى الثاني تقع المزاحمة بعد وقوع المعاوضة بين دليل حرمة التعاون على الإثم ودليل وجوب تسليم المثمن، فإن قلنا بترجيح الثاني يجب عليه التسليم ويعاقب على الإعانة على الإثم.
أما على ما رجحناه في محله من بقاء الحكم في المتزاحمين على ما هو عليه من الفعلية: فواضح لأنه خالف الحكم المحرم الفعلي بلا عذر، وأما على القول بسقوط النهي فلارتكابه المبغوض بلا عذر وهو بوجه نظير المتوسط في أرض مغصوبة أو نظير ايقاع النفس في مهلكة العطش اختيارا: فيجب عليه حفظ نفسه بشرب الخمر ويعاقب عليه، وإن قلنا بترجيح الأول فلا يجوز له التسليم، فحينئذ (ربما يقال) إن المعاوضة لدى العقلاء متقومة بامكان التسليم والتسلم ومع تعذره شرعا أو عقلا لا تقع المعاوضة صحيحة، ففي المقام يكون تسليم المبيع متعذرا شرعا لعدم جوازه فرضا وعدم جواز إلزامه عليه لا من قبل المشتري ولا الوالي، ومع عدم تسليمه يجوز للمشتري عدم تسليم الثمن والمعاوضة التي هو حالها ليست عقلائية ولا شرعية فتقع باطلة.
(وفيه) أن ما يضر بصحة المعاوضة هو العجز عن التسليم تكوينا أو نهى الشارع عن تسليم المبيع بعنوانه حيث يستفاد منه ردع المعاوضة، والمقام ليس من قبيلهما لعدم العجز تكوينا، وعدم تعلق النهي عن تسليم المبيع بعنوانه بل النهي