التي نفعها المتعارف هو المحلل. والانصاف أن كل واحد مما ذكر وإن أمكن النظر فيه، لكن يرجح في النظر عدم الجواز من مجموع هذه الوجوه، سيما عدم احتمال أحد استثنائها على الظاهر.
ومنها الميتة وأجزائها التي تحلها الحياة من ذي النفس السائلة فيقع الكلام فيها تارة في الحكم التكليفي، وهو حرمة الانتفاع بها وعدمها، بحيث يكون المحرم الانتفاع لبسا وافتراشا ونحوهما، وإن لم يحصل منه محذور آخر كتنجيس ما يلاقيه من المايعات المشروبة والانتفاع منها. وبعبارة أخرى تكون نفس الانتفاع بها عنوانا مستقلا محرما، وأخرى في الحكم الوضعي: أن بطلان المعاملة، و هنا كلام آخر يظهر في خلال البحث، وهو حرمة ثمنه بعنوانه، كما تقدم المقصود منه. فمما تدل على حرمة الانتفاع بها (بعد الآية الكريمة التي تقدم الكلام فيها) روايات منها موثقة سماعة (1) قال: سألته عن جلود السباع أينتفع بها، قال: إذا رميت فانتفع بجلده، وأما الميتة فلا. والظاهر منها ولو بإلغاء الخصوصية عرفا حرمة الانتفاع بالميتة مطلقا، سواء كان الانتفاع في الجامدات، أو المايعات، لزم منه محذور، أو لا، والحمل على انتفاع خاص (كجعل جلدها محلا للدبس و نحوه) يحتاج إلى دليل.
ومنها رواية علي بن أبي مغيرة (2) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشئ، فقال: لا، قلت: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بشاة ميتة، فقال: ما كان على أهل هذه الشاة إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها، قال:
تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها إن تذكى، وفي نسخة أي تذكى، ودلالتها واضحة. سيما إذا كان قوله (منها) متعلقا بالفعل، ويكون المراد هل ينتفع منها بوجه من الوجوه