نعم الظاهر أن المورد من باب تزاحم المقتضيين وتحققه في كل من العنوانين مطلقا، لكن الشأن في أصل وجوب نصح المستشير أو نصح المؤمن مطلقا وعلى فرض وجوبه في أهميته من الغيبة وفي كليهما نظر، أما الأول فلعدم الدليل عليه ألا روايات قاصرة الدلالة عن اثباته.
كصحيحة عيسى بن أبي منصور (1) عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه ونحوها صحيحة الحذاء (2) وصحيحة معاوية بن وهب (3) والظاهر منها ثبوت حق للمؤمن على المؤمن فإن الظاهر من يجب له عليه ثبوته عليه، وأما كون ذلك شرعا على نحو الوجوب والالزام فلا دلالة عليه، فهو كسائر الحقوق الثابتة للمؤمن على المؤمن، ومادة الوجوب لو كانت ظاهرة في الوجوب الاصطلاحي لكن في مثل هذا التركيب ظاهرة في الثبوت ففرق بين قوله: وجب عليه كذا و قوله: وجب للمؤمن على المؤمن كذا فإن الثاني غير ظاهر في الالزام، مع أن ظهور المادة في الوجوب مطلقا محل كلام.
وكرواية جابر (4) عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله: لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه. وفي دلالتها على الوجوب بعد الغض عن ضعف سندها نظر لأنها في مقام بيان مقدار النصيحة وكيفيتها بعد الفراغ عن حكمها فلا تدل على وجوبها ورواية تميم الداري الضعيفة (5) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الدين نصيحة قيل: لمن يا رسول الله قال: لله ولرسوله ولأئمة الدين ولجماعة المسلمين، وأنت خبير بعدم دلالتها على الوجوب بل سياقها سياق الاستحباب وهنا طائفة أخرى بلسان آخر.
كموثقة سماعة (6) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أيما مؤمن مشى في حاجة