ولو سلمت دلالتها على أن من أفتى كذلك كان عليه وزر العامل بفتياه: لا تدل على القاعدة لأن فتيا من التزم الناس بالعمل بقوله عقلا وشرعا سبب لوقوعهم في الحرام وليس ذلك من حيث التغرير، ولا يخفى أنه ليس المراد بالوزر على هذا الاحتمال وزر عمل الجاهل المعذور، ضرورة أنه لا وزر له بل يكون مثابا لانقياده بل ربما يكون فعله طاعة، فلا بد أن يحمل على الوزر التقديري أي وزر العمل على فرض عدم معذوريته أو حمله علي نحو الضمانات، وأما فعل الحرام الواقعي فلا قبح له ولا وزر على الفاعل المعذور في ارتكابه.
ومما ذكرناه يظهر النظر في دلالة روايات (1) دلت على أن تقصير صلاة المأمومين على الإمام، فإنها مع ضعفها ومخالفتها لجملة أخرى دالة على عدم ضمان على الإمام (تأمل): لا تدل على أنه لصرف التغرير فإن إمام الجماعة الذي التزم قوم بالصلاة معه إذا صلى بهم: يكون حاله حال من قدم إلى غيره محرما فيكون لفعله نحو تسبيب أو نظيره، زائدا " على التغرير، وأما ما جعله مؤيدا " فلا يخفى ما فيه، فإنه لو فرض تحريم سقي المكلف الجاهل الحرام: لا يدل ذلك على القاعدة كما مر فضلا عما هو مفاد رواية أبي بصير (2) وأضعف منه تأييده الثاني، فتحصل مما ذكر أنه لا دليل معتمد على قاعدة التغرير، وقد مر أن العقل حاكم بجواز التسبيب إلى ما كان مباحا ظاهرا " فضلا عن تغرير الجاهل به إلا إذا أحرزت مبغوضيته ولو في حال الجهل. وليعلم: أن قاعدة التغرير في الباب في ما في باب الضمان، فإن لها فيه مدركا معتمدا.
الثالث حكي غير واحد: الشهرة على وجوب كون الاستصباح تحت السماء، وعن السرائر نفي الخلاف عن عدم جوازه تحت الظلال (3) وعن المبسوط أنه روى أصحابنا أنه يستصبح به تحت السماء دون السقف (4) وسيأتي الكلام في حال الشهرة