مطابقة فتواهم لمضمونها في جبر سندها، وفي كلتا الدعويين منع، بل لم يثبت مطابقة فتوى المشهور لمضمونها كما ظهر مما تقدم من الاجماعات المنقولة.
بقيت فروع الأول هل يلحق بالأعيان النجسة المايعات المتنجسة بها إذا لم تكن قابلة للتطهير، أو مطلقا، أو لا تلحق بها مطلقا، أو تلحق في بعض الأحكام، وجوه. يمكن أن يستشهد بالحاق كل متنجس بما تنجس به في الحكم، بمعنى أن ما تنجس بالخمر أو سائر المسكرات يلحق بها في الأحكام الثلاثة المتقدمة، أي حرمة عنوان البيع و حرمة ثمنه بما هو ثمنه، وبطلان المعاملة، وفي غيرها فيما له من الحكم، برواية جابر (1) عن أبي جعفر عليه السلام (قال أتاه رجل فقال: وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكله، قال فقال أبو جعفر عليه السلام: لا تأكله، فقال الرجل: الفأرة أهون على من أن أترك طعامي من أجلها، قال فقال له أبو جعفر عليه السلام: إنك لم تستخف بالفأرة، أنا استخففت بدينك، إن الله حرم الميتة من كل شئ).
بتقريب أن التمسك بالكبرى مع عدم انطباقها على المورد المسؤول عنه وهو الطعام، لا يتم إلا بتنزيل المتنجس بالميتة منزلتها، فيظهر منه أن المتنجس بالميتة ميتة حكما، فيتعدى إلى غيرها بإلغاء الخصوصية، أو عدم القول بالفصل، وفيه ما لا يخفى، فإن الظاهر أنه لم يتمسك بالكبرى لاثبات حرمة الزيت والسمن، بل بعد بيان حرمتهما بقوله: لا تأكله لما قال الرجل ما قال، أراد بيان أن الميتة من الفأرة وغيرها حرام بحكم الله تعالى، والاستخفاف إنما هو بحكمه تعالى لا بها، مع احتمال تفسخ الفأرة وإرادة الرجل أكل الزيت بما فيه تأمل مضافا إلى عدم دلالة الرواية بوجه على إرادة التنزيل، فإن إرادته من تلك العبارة في غاية البعد، بل لا تخلو من استهجان، فضلا عن استفادة عموم التنزيل، وعن اسراء الحكم إلى سائر المتنجسات كل بحسبه، فيقال باسراء حكم كل نجس إلى ما تنجس به.