المولى في بعض الأحيان اتيان مبغوضه الجاء، كمن أجاز قطع يده لحفظ نفسه، فإن قطعها مبغوض مطلقا، لكن ربما يختار الانسان مبغوضه الفعلي لدفع محذور أشد منه فيتأسف على وقوع تلك الواقعة التي ألزمته على التسليم على المبغوض، وفي مثله تحصيل هذا العنوان قبيح، والاكراه على تحصيله كذلك.
ثم إن الظاهر من أخذ العناوين العذرية في موضوع الترخيص هو كونه من قبيل الصورة الثانية، إلا أن دل دليل على خلافه، ولهذا قلنا بعدم جواز اهراق الماء وتحصيل العذر والفقدان اختيارا، واستثنى الشارع الأقدس الباغي والعادي من المضطر في أكل الميتة، بل لو اضطر الفاعل نفسه بارتكاب محرم قد يجب عليه اتيانه ومع ذلك يعاقب على الفعل بحكم العقل كالمتوسط في الأرض المغصوبة، و الحاصل أن مثل المورد تفويت لغرض المولى، والقاء للنفس أو الغير في ارتكاب مبغوضه وهو قبيح عقلا، حرام شرعا، وإن لم يكن مخالفة للأمر.
الجهة الثالثة كل مورد يكون الاكراه على محرم مع بقائه على ما هو عليه من الحرمة على المباشر كالاكراه على القتل: يكون وزره على المباشر قصاصا كان أو عقابا، وعلى المكره استحقاق العقاب وربما يجعل له جزاء في الدنيا، كما وردت رواية صحيحة بأن الآمر بالقتل يحبس حتى يموت (1) والمكره بالفتح في الصورة الثالثة من الصور المتقدمة: فلا وزر عليه في الارتكاب حتى يكون وزره على غيره، والمكره بالكسر ربما لا يكون عليه وزر بل له أجر كما تقدم، وقد يكون عليه وزر الظلم، وفي الصورة الثانية لا وزر على المأمور، وعلى المكره وزر الظلم والاكراه بايجاد المبغوض وتفويت المصلحة، ولا دليل على كونه بمقدار وزر الفاعل لو كان مختارا.
نعم ورد في باب اكراه الزوجة على الجماع نهارا في شهر رمضان: أن على المكره كفارتين وضرب خمسين سوطا، وإن كانت طاوعته فعليه كفارة وضرب