فلعله وقع اشتباه في نسخ السرائر، ولعله قال الأخبار بالجواز متواترة، فإن له وجها لما تقدم من الأخبار الكثيرة على الجواز، أو أراد الأخبار الواردة في نجاسة الخنزير، بدعوى استفادة حرمة الانتفاع منها، وهو بعيد، فقول صاحب مفتاح الكرامة: انكار من أنكر لا يعتبر كان له وجه لو ادعى الحلي ورود خبر واحد، لامكان اطلاعه عليه، والخفاء عن غيره، لا الأخبار المتواترة أو المستفيضة، فلو فرض أن الأخبار بالجواز كانت متواترة فلا يمكن عدم اطلاع الأصحاب عليها، ومع اطلاعهم عليها وترك نقلها والاكتفاء بنقل أخبار الجواز يكشف ذلك عن معللية تلك الأخبار، بل هو من أدل الدليل على الجواز، لكن الانصاف وقوع اشتباه في البين، وعدم أخبار متواترة لم يطلع عليها غيره، أو تركوا نقلها.
ثم إن التفصيل بين صورة تحقق الدسومة وعدمه، والقول بالمنع في الأولى دون الثانية ضعيف، لأن الروايات المقيدة لا تصلح لتقييد المطلقات، بل ولا للخروج عن الأصل مع الغمض عن المطلقات ولا يبعد حملها على الارشاد. (كما قيل) كما أن الأقوى عدم الفرق بين الاضطرار وغيره كما مر، وعن كشف اللثام أنه إذا اضطر استعمل اجماعا، ولعله يكفي في الاضطرار عدم كمال العمل بدونه. (انتهى) فلو كان ذلك شرحا لمقصود المجمعين يرجع في الحقيقة إلى جوازه مطلقا، لأن الاضطرار بهذا المعنى مرجعه الاختيار، فيمكن استشعار الجواز مطلقا منه، لكن في كون كلامه تفسيرا لكلامهم، أو كون مرادهم ذلك تأمل واشكال.
ثم إنه بناء على جواز الانتفاع بأجزائه، يجوز بيعها والمعاوضة عليها، لظهور الروايات المتقدمة، ولعمومات حل البيع والتجارة.
ومنها الخمر والفقاع وكل مسكر مايع، ولا شبهة اجمالا في حرمة بيعها و ثمنها وسقوط ماليتها، إنما الكلام في أن الأحكام ثابتة للخمر مطلقا، حتى ما اتخذت للتخليل ونحوه أو لا، وقد مر الكلام فيه مستقصى سابقا، وقلنا إن الأخبار قاصرة عن اثبات الأحكام لنحو ذلك، لا ما اشتملت على لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر