ملكة الصيد عنه، وثبوتها له، فيكون معنى قوله: الذي لا يصيد، الذي سلب عنه وصف كونه صيودا وصائدا، وزالت ملكته، وفي مقابله ما ثبت له الوصف والملكة.
ولا يبعد أن يكون الأقرب بين الاحتمالين الأخيرين هذا الاحتمال، بعد أظهريتهما من سائرها ويشهد لما قلنا من أن الموضوع في هذا الباب نفس العنوان، من غير دخالة للتعليم فيه، بعد اطلاق الأدلة: أن الأخبار الواردة في حكم الصيد وجواز أكله (في أبواب الصيد والذبائح) (1) مشحونة بذكر الكلب المعلم، و كثر فيها التقييد بذلك العنوان، وأما في المقام فلم يرد خبر مشعر بكون الكلب المذكور هو المعلم، وذلك لأن الموضوع للحكم هناك هو الكلب المعلم، بخلافه هاهنا فتحصل مما ذكر، أن الأظهر في قوله: الكلب الذي لا يصيد، أو لا يصطاد، هو ما سلب عنه هذا الوصف، وهذه الملكة. وإنما قلنا هذا الاحتمال أقرب من سابقه، لأن الكلب الذي له ملكه الاصطياد بحيث لو استعمل في الصيد يصطاد، يصدق عليه أنه صيود، ولا يصح سلب العنوان عنه، وليس المراد من لا يصيد، عدم العمل الخارجي، مقابل العمل كذلك، ولهذا قابله بالصيود، فالمراد منه ما ليس بصيود، والكلب الذي لو ترك يصيد، لا يقال إنه لا يصيد، أوليس بصيود، بمجرد منع صاحبه عنه، ولهذا لا ريب في أن الكلب المعلم صيود وصائد، ويصدق عليه أنه يصيد ويصطاد، ولو لم يستعمله صاحبه في الصيد، ومنعه عنه.
ثم بعد ما علم من قوة هذا الاحتمال، يقال: إن الصيود والصائد، وسائر المشتقات منه عناوين وصفية، صادقة على مطلق الاصطياد، كان الصيد من قبيل الغزال أو غيره من الحيوانات الممتنعة الوحشية من غير اعتبار قيد الحلية فيها، بحسب اللغة والعرف جزما، فإذا كان الكلب يصيد الذئب، أو ابن آوى، أو الثعلب، يصدق عليه أنه صيود، وصائد عرفا ولغة، فالكلب الصيود ما كان يصيد الحيوان الممتنع، من غير دخالة خصوصية حيوان فيه.