تركت الحرفة وأعرضت عنها بطل الصدق، كما أن الظاهر انصرافها عما إذا كان غرض المتعاملين حفظها عن التغني وكان البايع غير قادر عليه ولو كانت صفة التغني دخيلة في زيادة الثمن (نعم) يأتي فيه الاشكال المتقدم وهو احتمال صدق أكل المال بالباطل، وأما إذا كان غرض المشتري ذلك دون البايع فالظاهر بطلانه، لشمول الأخبار له سواء علم قصد المشتري أم لا.
ثم لو قلنا باستفادة البطلان من قوله: ثمن المغنية سحت أو حرام كما هو الأرجح بالنظر: فهو، وإلا صحت المعاملة وإن حرم ثمنها تكليفا بعنوان كونه ثمنها، هذا حال مثل قوله ثمن المغنية حرام وسحت مع قطع النظر عن مورد الروايات وأما بالنظر إليه فلا بد من نقلها وبيان مفادها، فمنها صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد (1) قال: قلت لأبي الحسن الأول جعلت فداك إن رجلا من مواليك عنده جوار مغنيات قيمتهن أربعة عشر ألف دينار وقد جعل لك ثلثها فقال: لا حاجة لي فيها إن ثمن الكلب والمغنية سحت.
والظاهر منها أن الجواري كانت موجودة عند بعض الموالي وجعل ثلث قيمتهن لأبي الحسن عليه السلام، فالقاعدة تقتضي صحة الوصية لو قلنا بأن للجواري المغنيات قيمة بلحاظ سائر أوصافهن أو بلحاظ ذواتهن وإن زعم الموصي بأن لهن قيمة بلحاظ التغني وهذا الزعم الباطل لا يوجب بطلانها فلو فرض أن لهن قيمة واقعية ملحوظة لدى الشارع كان ثلثها لأبي الحسن عليه السلام فرده الوصية دليل على أن بيعهن مطلقا حرام وثمنهن سحت سواء تباع بلحاظ قيمة التغني أو بلحاظ غيره وإلا لقال بعهن بلحاظ سائر أوصافهن واحتمال أن يكون ردها لمنافات القبول لمقام شرافته وتنزهه مخالف للظاهر من قوله إن ثمنها سحت، فإن ظاهره أن ردها لأجل حكم الشارع بأن ثمنهن سحت مع أن القبول بالنحو المتقدم لا ينافي مقامه (ع) كما أن احتمال أن يكون الموصى به قيمتهن بلحاظ الصفة المحرمة فجعل ثلث مالية تلك الجهة له عليه السلام فتكون الوصية