ولعله رواهما عن الجواهر (1) وهو من غلط النسخة أو سهو قلمه الشريف والنسخة الصحيحة ما نقلناه، والمظنون أن يكون لفظة يكره على صيغة المجهول فتساوق مع ما في منتهى الإرب على ما تقدم، ولو قيل باحتمال كونها على صيغة المعلوم محذوفا مفعولها قلنا مع بعده في الجملة: إن غاية الأمر تكون مجملة لا تصلح لتقييد المطلقات المتقدمة.
واحتمال انصراف الأدلة عما إذا رضي المغتاب أو لم يكرهه سيما أن ترك الغيبة من حقوق الأخوة ومع عدم الكراهة أو الرضا بها يكون بمنزلة الاسقاط (في غاية أوهن والضعف) ضرورة أن افشاء ما ستره الله تعالى على عباده من نحو المعاصي والقبائح والأعراض لا يجوز حتى على الفاعل أو الموصوف إذا أوجب هتكه وهتك عرضه فضلا عن غيره، وهو ليس من الحقوق التي جاز اسقاطها، وليس كل ما سمي حقا بين الأخوين جائز الاسقاط، فإن عدم الخيانة أيضا " عد من الحقوق، ولعل الشارع لا يرضى بكشف ستر المؤمن مطلقا، رضي به أم لا.
وفي الحديث: صونوا أعراضكم (2) وظني ورود ما دلت على عدم جواز هتك المؤمن عرضه، وأن عرضه ليس بيده، وفي الحديث ليس أن يذل نفسه وأن الله تبارك وتعالى فوض إلى المؤمن كل شئ إلا اذلال نفسه (3) (تأمل) وبالجملة دعوى الانصراف لا وجه لها. وقلة الوجود لا توجب الانصراف بل المناسبات تقتضي قوة الاطلاق والانصاف أن رفع اليد عن اطلاق الآيات والروايات والتشديدات والاهتمامات الواردة في حرمة غيبة المؤمن وإذاعة سره وهتكه وتعييبه وغير ذلك: غير ممكن فالأظهر الأقوى عدم اعتبار هذا القيد، وليس الكلام هاهنا في المتجاهر والمتهتك الذي لا يبالي بما قيل أو يقال فيه.