هم بها، سواء كانت التهيئة لأجل توصله إليها أم لا، وسواء تحقق الإثم أم لا، و يؤيده حكم العقل أيضا بقبحها، ولكن مع ذلك لا يخلو إلغاء الخصوصية وفهم العرف من الآية ما ذكرناه من تأمل وأن لا يخلو من وجه.
ثم إن هذا كله في كلي المسألة، وأما في خصوص الخمر فالظاهر المتفاهم من المستفيضة الحاكية عن لعن الخمر وغارسها وحارسها وبايعها ومشتريها (الخ) أن اشتراء العنب للتخمير حرام بل كل عمل يوصله إليه حرام لا لرحمة المقدمة، فإن التحقيق عدم حرمتها، ولا لمبغوضية تلك الأمور بعناوينها، بل الظاهر أن التحريم نفسي سياسي لغاية قلع مادة الفساد، فإذا كان الاشتراء للتخمير حراما سواء وصل المشتري إلى مقصوده أم لا: تكون الإعانة عليه حراما لكونها إعانة على الإثم بلا اشكال، لأن قصد البايع وصول المشتري إلى اشترائه الحرام والفرض تحقق الاشتراء أيضا فبيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا حرام وإعانة على الإثم هذا إذا قلنا بعدم استفادة حرمة ايجاد مقدمات تحصيل الخمر من الروايات مطلقا سواء كان بقصده أم لا، فمن غرس العنب وعلم أن سيجعل خمرا، لا يحرم عليه إذا لم يكن غرسه لذلك، وأما إن قلنا باستفادة الحرمة مطلقا من تلك التشديدات و التضييقات الواردة فيها: فيكون البيع كالاشتراء حراما لا لمحض الإعانة على التخمير.
المقام الثاني في حال الروايات الواردة في المقام وهي على طائفتين:
إحديهما ما يمكن توجيهها بوجه لا تنافي ما تقدم من حكم العقل والنقل كصحيحة البزنطي (1) قال سألت أبا الحسن (ع) عن بيع العصير فيصير خمرا قبل أن يقبض الثمن فقال: لو باع ثمرته ممن يعلم أن يجعله حراما لم يكن بذلك بأس فأما إذا كان عصيرا فلا يباع إلا بالنقد، بأن يقال: إن السؤال عن ثمن العصير، و الجواب أيضا عن ثمن ما يعلم أنه يجعل حراما وكذا عن ثمن العصير، فلا تنافي