هذا نظير بيع ما يملك وما لا يملك، حيث يقال فيه بانحلال والصحة فيما يملك، دون غيره. فإن المطاوعة هناك حاصلة، والانحلال عقلائي أو تعبدي، ولا معنى للانحلال هاهنا، لعدم مقابلة مال بالميتة، لعدم ايجاب البيع بالنسبة إليها، بل لا يجوز له في هذه الصورة أخذ مقدار ثمن المذكي، لأنه مأخوذ بالبيع الفاسد، فضلا عن جميعه، فالتخلص من بيع المجموع إلى بيع المذكى الواقعي، كما استحسنه المحقق، واختاره العلامة، فرار من المطر إلى الميزاب، لو كان نظرهما إلى الفرار عن بيع الميتة، لا الاستظهار، من صحيحتي الحلبي وعلي بن جعفر.
ففي صحيحة الحلبي (1) قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إذا اختلط الذكي والميتة: باعه ممن يستحل الميتة، وأكل ثمنه، وفي صحيحته الأخرى (2) عنه عليه السلام أنه سئل عن رجل كان له غنم وبقر، وكان يدرك الذكي منها فيعز له ويعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا كيف يصنع به، قال يبيعه ممن يستحل الميتة، ويأكل ثمنه، فإنه لا بأس به، وعن علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى عليه السلام (3) نحوها.
وجه الاستظهار دعوى رجوع الضمير في قوله باعه أو يبيعه إلى المذكى، ثم إن أراد البايع وقوع البيع على المذكى، لا بد من اخبار المشتري للواقعة، حتى يقع البيع صحيحا، فيستفاد منها بنحو من اللزوم لزوم اخبار الطرف بالواقعة قبل ايقاع البيع عليه، وإن يظهر من المحقق والعلامة (ولو من اطلاق كلامهما) عدم لزوم الاخبار، (وفي الاستظهار نظر) لأن المتفاهم العرفي منها أن الضمير راجع إلى المختلط ، وأن السؤال في الثانية عن حال المال المختلط الخارجي، وقوله: ما يصنع به أي ما يصنع بهذا الموجود المختلط، وقوله يبيعه أي يبيع ذلك المختلط، لا خصوص المذكى، والحمل على بيع خصوص المذكى وتسليم المجموع من باب المقدمة:
بعيد عن الأذهان العرفية.
والشاهد على أن المراد بيع المجموع، قوله: يبيعه ممن يستحل الميتة