بيان أن المستور كذلك مطلقا، وبعبارة أخرى أنها بصدد بيان حكم آخر وهو إن ما ستره الله غيبة لا ما هو أمر ظاهر وأما أن ما ستره الله مطلقا أو بقيد يكون كذلك فليست في مقام بيانه.
وإن شئت قلت: إنها ليست بصدد بيان ادخال ما ليس بغيبة عرفا ولغة فيها تعبدا بل بصدد بيان اخراج قسم منها عنها فلا اطلاق لها في الجهة المنظورة، و أما ما عن النبي صلى الله عليه وآله: أنها ذكرك أخاك بما يكره (1) فالظاهر منه بناء على البناء للمجهول أن الغيبة ذكر السوء، والمتفاهم منه عرفا هو تعييب الغير كما هو المتفاهم من قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء (2) وعلى البناء للمعلوم منصرف إلى التعييب والانتقاص، لأن ذكره على غير جهته كذكره عند الطبيب ونحوه لا يكون مما يكرهه، ولو فرض نادرا كراهته فالرواية منصرفة عنه، والانصاف أن اعتبار هذا القيد آية ورواية وعرفا مما لا ينبغي أن ينكر.
ثم إن الظاهر انصراف الأدلة وكلمات الأصحاب واللغويين عن الذكر عند نفسه بلا مخاطب أو سامع.
ودعوى اطلاقها بتقريب أن قوله في تفسير الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره وقوله: إذا ذكرته بما فيه فقد اغتبته ونحوهما من قبيل قوله: ذكر الله حسن فكما لا يعتبر في ذكر الله أن يكون عند مخاطب كذلك في المقام، (ودعوى) أن نكتة حرمة الغيبة هي الفساد المترتب عليها من كشف ستر المؤمن وحصول العداوة بين الأحبة ونحوهما: غير ثابتة لامكان النهي عنها مضافا إلى ذلك لحفظ لسان المغتاب بالكسر وعدم اعتياده بالفحش والتعييب وتنزيه نفسه عن التفكه بأعراض الناس، فلا مانع من اطلاقها.
(ممنوعة) ضرورة أن المتفاهم من جميع الأدلة بل وكلمات القوم هو الذكر عند الغير والقياس بذكر الله الذي بين العبد وخالقه مع الفارق ما لا يخفى، والانصاف