وربما يقال: إن تجويز الانتصار والانتقام للمظلوم بنفسه من الظالم يوجب الهرج والمرج، وإنما نصب الوالي والقاضي للانتصاف والانتصار وتنظيم أمور الناس ومعه كيف يطلق ذلك للناس بأنفسهم، لكنه اعتبار ضعيف مخالف للاطلاق بل و الاعتبار الصحيح، وقد وقع نظيره في الشرع كتجويز التقاص للدائن وتجويز الدفاع عن النفس والعرض والمال، ودفع المشرف على بيت الرجل، وقتل من سب النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة (ع) إلى غير ذلك. فهل ترى من نفسك وجوب القعود عن دفع السارق المهاجم على عرض الرجل وماله وعدم جواز دفعه ثم بعد فعله ما فعل يقال للمظلوم: لك الرجوع إلى المحاكم الصالحة وبالجملة لا وجه للاستبعاد بعد قيام الدليل.
وأما المؤيدات التي ذكرها الشيخ الأنصاري (1) كدليل نفي الحرج، وأن في تشريع الجواز مظنة الردع وغيرهما: فلا يخفى ما فيها من عدم صلاحيتها للخروج عن اطلاق أدلة التحريم كما اعترف به، كما لا يجوز غيبة من ترك الأولى بالنسبة إلى شخص كما لو ترك بعض مراتب الضيافة ما لم يصل إلى الهتك والتحقير والإهانة.
أو استقضى حقه وكان الأولى تركه فضلا عن تارك الأولى الذي غير مربوط به كالغيبة في ترك المستحب ونحوه وإن أمكن الاستدلال على الجواز بروايات:
منها ما عن تفسير العياشي (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال: من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه، وقريب منها باختلاف مرسلة الطبرسي (3) بأن يقال: إن الأمر دائر بين أحد التصرفين أما التصرف في الرواية وحمل اطلاقها على ما إذا ظلم المضيف ضيفه وحفظ ظهور عنوان الظلم في الآية، فإن إسائة الضيافة أعم من وقوعها على نحو الظلم، أو التصرف في الآية وحمل الظلم فيها على الأعم مما هو المتفاهم عرفا وحفظ اطلاق الرواية، والثاني أولى، لأن ظهور