أي تعلم ما يترتب عليه ذلك.
فلا يقال: إن التغني بالمواعظ والقرآن لا يترتب عليه ذلك، لأن هذا من مقتضيات نفس الغناء لو جرد عن مداليل الألفاظ، والمفروض أن الغناء بذاته داخل في الآية كما هو مفاد الأخبار، مع أن مقتضى اطلاق الأخبار أن مطلق الغناء داخل في الآية وأوعد الله عليه النار، مع أنه قلما يتفق لشخص أن يكون غاية تعلمه للغناء أو تغنيه الاضلال عن سبيل الله والصد عنه، فعليه يكون عد الغناء من الآية بنحو الاطلاق على الاحتمال المتقدم في الاشكال كحمل المطلق على الفرد النادر جدا، فقوله:
الغناء مما أوعد الله عليه النار في الآية مع عدم دخوله فيها إلا ما هو نادر كالمعدوم يعد مستهجنا قبيحا فلا بد وأن تحمل اللام على النتيجة أعم من كونها غاية أو لا، فلا ينافي في ذلك ما ورد في شأن نزولها كقوله تعالى: فالتقطة آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا (1) وكقول الشاعر (لدوا للموت وابنوا للخراب) والانصاف أن دلالة الطائفتين المتقدمتين على حرمة الغناء بذاته لا تأمل فيها، وأما ما دلت على دخوله في قوله: والذين لا يشهدون الزور كصحيحة ابن مسلم (2) عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: والذين لا يشهدون الزور قال: هو الغناء ففي دلالتها على الحرمة تأمل واشكال، ودلت على حرمته بذاته أيضا روايات كثيرة ربما يدعى تواترها وسيأتي الكلام في بعضها كصحيحة ريان بن الصلت (3) قال:
سألت الرضا عليه السلام يوما بخراسان عن الغناء وقلت: إن العباسي ذكر عنك أنك ترخص في الغناء فقال: كذب الزنديق ما هكذا قلت له سألني عن الغناء فقلت: إن رجلا أتى أبا جعفر عليه السلام فسأله عن الغناء فقال: يا فلان إذا ميز الله بين الحق والباطل فأين يكون الغناء قال: مع الباطل فقال: قد حكمت، والظاهر منها حرمته كما يشهد به نحو التعبير فيها، ونحوها في الدلالة أو أظهر منها رواية عبد الأعلى الموثقة على الأظهر (4)