الحكم والأثر من موضوعه إلى موضوع آخر. فلو قيل إن جواز الانتفاع الظاهري كاف في صحة البيع، فالأولى حينئذ أن يختار صحة بيع أحد الطرفين، لكن القائل المحقق استشكل في ذلك بأنه يمكن أن يقال: إن المانع للبيع هو حرمة الانتفاع واقعا الذي هو غير معلوم الارتفاع، فراجع كلامه زيد في علو مقامه. هذا كله على المباني الغير المسلمة والتحقيق حسب اقتضاء العلم الاجمالي عدم جواز الانتفاع بواحد منهما، لا أكلا ولا بيعا من مسلم ولا من كافر، بناء على تكليفهم بالفروع، لكن هاهنا نكتة يجب التنبيه عليها، وهي أن العلم الاجمالي قد يتعلق بالحكم الفعلي والإرادة الفعلية الجازمة، وفي مثله لا يمكن احتمال الترخيص لأحد الطرفين، فضلا عنهما، بل مع العلم بالإرادة الفعلية للمولى لا يمكن احتمال صدور الترخيص منه في الشبهة البدوية أيضا، لعدم امكان احتمال وقوع التناقض في إرادته، فالعلم الاجمالي كذلك علة تامة لوجوب الموافقة وحرمة المخالفة ومع هذا العلم تطرح أدلة الأصول حتى في الشبهات البدوية.
وقد يتعلق العلم بحجة شرعية لأجل اطلاق دليل أو عمومه لمورد المشتبه، كما في قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير، فإن اطلاقه يقتضي حرمة الميتة واقعا، سواء كان الموضوع معلوما أو لا، وفي مثله يمكن احتمال الترخيص في ارتكاب جميع أطراف المعلوم بالاجمال، فضلا عن بعضه، فمع ورود الترخيص يستكشف عن عدم فعلية إرادة المولى في المورد المشتبه، إما بتقييد الاطلاق أو بأنحاء أخر من التصورات التي في الأصول وكيف كان إذا كان العلم الاجمالي من قبيل الثاني، كما في نوع الموارد، لا يجوز ترك ظاهر دليل معتمد دل على الترخيص في بعض الأطراف أو جميعها، لعدم حكم للعقل في مثله، وعدم كون الترخيص مخالفا للقواعد والعقول، ولعل الخلط بين المقامين صار موجبا لطرح بعض الروايات الصحيحة الدالة على الترخيص، في أطراف العلم الاجمالي.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن الكلام في المقام تارة في جواز الانتفاع بأطراف المشتبه أكلا وغيره، فيظهر من الأردبيلي الميل إليه في مطلق المشتبهات، وتمسك