وساقيها وبايعها (1) (الخ) وهو ظاهر، ولا ما دلت على أن ثمنها سحت (2) فإنها أيضا منصرفة إلى ما تعارف وشاع في بيع الخمر وسائر المسكرات، مما توجب الفساد، لا المتخذ للاصلاح، وقد مرت شواهد على المطلوب فراجع. وعليه فلا دليل علي سقوط ماليتها مطلقا، أما الأخبار المتقدمة فظاهرة.
وأما ما اشتملت على الأمر بإهراقها، كرواية أبي الجارود (3) الحاكية لفعل النبي صلى الله عليه وآله واهراق ما في المدينة من الخمر، ورواية أبي بصير (4) وصحيحة محمد بن مسلم (5) الواردتين، في اهداء راوية أو راويتين من الخمر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأمر بصبها، وقال: إن الذي حرم شربها حرم ثمنها، أو قال ثمنها سحت. فمع ضعف الأوليين وورود الجميع في قضية شخصية، ومن المحتمل عدم قابلية ما أمر بصبها للتخليل: لا تدل على عدم ملكيتها وماليتها ولو مع امكان التخليل، والأمن من الفساد: لامكان أن يكون الأمر بالصب لمصلحة قاهرة، كما أن الأمر كذلك في أول تحريم الخمر، ولعل الأمر به أمر سلطاني لقلع الفساد، ولعله لم يكن قلعه ممكنا إلا بذلك، كما هو موافق للاعتبار، كالأمر بقلع عذق سمرة بن جندب.
فلا دليل على اسقاط الشارع مالية جميع أقسام الخمر، أو ملكيتها، سيما مثل العصير المغلي بنفسه إذا قيل بأنه خمر ومسكر، بل المتيقن من اجماع الخلاف والمنتهى والتذكرة وغيرها، غير ما ذكر. والانصاف أنه لا دليل على اطلاق الحكم، بل ظاهر بعض الروايات على خلافه، كصحيحة جميل المتقدمة (6) وغيرها، ولا داعي إلى صرفها عن ظاهرها، نعم هي محمولة على أن الدائن لا بد أن يؤدي الخمر للافساد، ومعه لا دليل على عدم صحة وقوعه، لكن مع ذلك أن المسألة مشكلة في غير العصير الذي