فنقول: قال الشيخ في الخلاف (1) سرجين ما يؤكل لحمه يجوز بيعه، (إلى أن قال) دليلنا على جواز ذلك أنه طاهر عندنا (إلى أن قال) وأما النجس منه فلدلالة اجماع الفرقة، ثم استدل بالنبوي. وهو كما ترى دعوى الاجماع على أن السرجين النجس لا يجوز بيعه، والسرجين معرب سرگين، لا يطلق على عذرة الانسان، و الشاهد على أن المراد منه غيرها قوله في محكي المبسوط: (2) أن سرجين ما لا يؤكل لحمه، وعذرة الانسان، وخرء الكلاب، لا يجوز بيعها، ويجوز الانتفاع بها في الزروع والكروم وأصول الشجر بلا خلاف وعن المبسوط أيضا: (3) أما نجس العين فلا يجوز بيعه، كجلود الميتة (إلى أن قال) والعذرة والسرقين، لكن لم يدع الاجماع عليه.
وقال العلامة في التذكرة (4) لا يجوز بيع السرجين النجس اجماعا منا (إلى أن قال) ولأنه رجيع نجس فلم يصح بيعه كرجيع الآدمي، والظاهر منه إلزام الخصم بما هو مورد تسلمه. فتحصل أن المراد به غير ما للآدمي (فإن قلت) هب ذلك، لكن يكفي ما في المبسوط: من دعوى عدم الخلاف في عذرة الانسان مستقلا (قلت) لم يتضح رجوع نفي الخلاف إلى عدم جواز البيع وإلى جواز الانتفاع كليهما، والمتيقن الثاني، ويكفي الشك فيه في عدم ثبوت الاجماع أو دعواه، فاتضح بطلان نسبة حكاية الاجماع إلى الشيخ والعلامة في التذكرة وأوضح بطلانا نسبته إلى الثاني في المنتهى (5) قال فيه: لا يجوز بيع السرجين النجس، وبه قال الشافعي وأحمد، وقال أبو حنيفة:
يجوز، لنا أنه مجمع على نجاسته فلم يجز بيعه كالميتة، ثم استدل بالروايات. وهو كما ترى لم يدع الاجماع الأعلى نجاسته، واستنتاج عدم جواز بيعه اجتهاد منه، بل لو كان بيعه مورد الاجماع لم يدع كذلك، إلا أن يقال إنه لإلزامهم والاجماع من الفريقين على النجاسة.