فإذا جرى استصحاب كون الغيبة الكذائية منكرة وعلمنا بوجود طبيعة الغيبة أو بمعرضيتها للوجود يترتب عليها وجوب النهي عن المنكر، وهذا هو الأقوى كما ذكرناه فيما سبق، هذا حال القواعد العامة وإن لا يخلو الاستصحاب المذكور من كلام.
لكن قد وردت في المقام جملة من الروايات لعل استفاضتها وكثرتها تغنينا عن النظر إلى اسنادها وضعف غالبها وهي على طائفتين:
إحديهما ما أخذ فيها عنوان نصر المؤمن وعونه وخذلانه وعدم نصره وعونه وهي الغالب منها، كرواية وصية النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام (1) وفيها: يا علي من اغتيب عنده أخوه المسلم فاستطاع نصره فلم ينصره خذله الله في الدنيا والآخرة، ورواية أبي الورد (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة، ومن لم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه وهو يقدر عليه نصرته وعونه خفضه الله في الدنيا والآخرة، ونحوهما روايات أخر.
والانصاف أن هذه الطائفة قاصرة عن اثبات الوجوب والحرمة ولسانها يناسب الرجحان والكراهة كما في أشباهها ونظائرها فإن معنى الخذلان على ما في كتب اللغة والمستفاد من موارد الاستعمال، ومنها هذه الروايات هو ترك النصر والإعانة فكأنه قال: فمن لم ينصر المؤمن لم ينصره الله في الدنيا والآخرة، فكما أن من قوله: من نصره نصره الله في الدنيا والآخرة لا يستفاد وجوب النصر كذلك من مقابله لا يستفاد الحرمة، وقد وردت أمثال تلك التعبيرات أو أشد منها في مرتكب المكروه.
نعم هنا روايات علق الحكم فيها على الخذلان والنصر مطلقا،