فالعناوين المشتملة على جهتين يكون حكم الاتجار والتكسب بها تابعا لوقوعهما لتلك الجهة، فالعصير المغلى يحل بيعه للتخليل، ولا يحل للتخمير أو الشرب ثم على هذا الاحتمال يمكن أن يكون شرط الحرمة الاتجار لأجل جهة الفساد فمع عدم قصد جهة من الجهات يكون محللا، أو يكون شرط الحلية قصد جهة الصلاح فلا يحل إلا معه، ويكون الاتجار به على نحو الاطلاق وبلا قصد جهة محرما، (وهنا احتمالات أخر) كاحتمال أن يكون المحرم بيعه لمن يعلم أنه يستعمله في الحرام، والمحلل بيعه لمن يعلم أنه يستعمله في المحلل، إلى غير ذلك. فالأولى صرف الكلام إلى مفاد الروايات، ليتضح مقدار دلالتها في العناوين النجسة، ثم البحث عن مستثنياتها على فرض عموم فيها.
فنقول المستفاد من فقرات من رواية تحف العقول هو الاحتمال الثالث: قال وأما تفسير التجارات في جميع البيوع، ووجوه الحلال من وجه التجارات التي يجوز للبايع أن يبيع مما لا يجوز له، وكذلك المشتري الذي يجوز له شرائه مما لا يجوز، فكل مأمور به مما هو غذاء للعباد وقوامهم به في أمورهم، ووجوه الصلاح الذي لا يقيمهم غيره، مما يأكلون ويشربون إلى أن قال: وكل شئ يكون لهم فيه الصلاح من جهة من الجهات، فهذا كله حلال بيعه وشرائه وامساكه واستعماله وهبته وعاريته وأما وجوه الحرام من البيع فكل أمر يكون فيه الفساد مما هو منهي عنه من جهة أكله، إلى أن قال: أو شئ يكون فيه وجه من وجوه الفساد، نظير البيع بالربا، أو بيع الميتة، إلى أن قال: فهذا كله حرام محرم، لأن ذلك كله منهي عن أكله وشربه ولبسه وملكه وامساكه والتقلب فيه بوجه من الوجوه، لما فيه من الفساد، فجميع تقلبه في ذلك حرام (الخ) فإن مقتضى اطلاق صدرها أن كل شئ يكون فيه وجه من وجوه الصلاح جاز الاتجار والتكسب به مطلقا وإن كان فيه وجه أو وجوه من الفساد، ومقتضى اطلاق ذيلها مع قطع النظر عن الصدر، وعن جهة تأتي الإشارة إليها، أن كل ما فيه جهة من جهات الفساد يحرم الاتجار به، ومقتضى الجمع بينهما عرفا، أن ما فيه جهة صلاح