ولو تم ما أفاده أمكن الاستدلال عليها بكونه من الكبائر لأن قوله في صحيحة أبي الصلت الهروي (1) عن الرضا عليه السلام: ومن رضي شيئا كان كمن أتاه، وما عن أمير المؤمنين عليه السلام، الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه (2). يدلان على كونه من الكبائر باطلاق التنزيل، لكن الشأن في دلالتها، فإن الظاهر منها أن المحرم عنوان الرضا بفعل محرم وهو شامل للرضا الذي له مظهر كما فيما نحن فيه، ولا تدل على حرمة عنوان آخر مغائر له وهو الاستماع، ولو كان على وجه الرضا.
فإن الاستماع كذلك ينحل إلى الرضا الذي هو أمر قلبي والاستماع الذي من عمل الجوارح، ولا تقتضي حرمة العنوان الأول حرمة الثاني، لا باللفظ ولا بالفحوى، و لا ملازمة بين حرمة الرضا بالغيبة مع حرمة استماعها على وجه الرضا، ولو تم ما ذكره يكون على الداخل ثلاثة آثام: إثم أصل الدخول والعمل وإثم نفس الرضا حسب الروايات وإثم الدخول على وجه الرضا بالفحوى المدعى، وهو كما ترى مخالف للروايات.
مع أن ما ذكره من أن المراد في المقام حرمة الاستماع على وجه الرضا بفعل المغتاب غير ظاهر، بل المراد في المقام حرمة الاستماع مطلقا ولو استمع مع انزجاره عن فعل المغتاب وكراهته به، فكما أن الغيبة محرمة مطلقا ولو مع التنفر عنها، كذلك الاستماع، وليس المراد بالرضا هو الإرادة والاختيار وغيرهما من مبادئ الفعل الاختياري، كما لا يخفى على المتأمل.
وأما روايات وجوب رد الغيبة فهي أجنبية عن الدلالة على حرمة الاستماع، كما هي أجنبية عن الدلالة على جوازها، بل تدل على أنه لو سمع الغيبة يجب عليه الرد، بل قلنا في بعض المسائل السابقة: إن مقتضى أدلة النهي عن المنكر الدفع عن المنكر الذي علم باشرافه على الوجود، فكيف يجوز تمكين المغتاب على الغيبة وكشف ستر المؤمن بعذر إرادة الرد، وقد استدل شيخنا الأنصاري (3) على كونه