النفخ كالانسان وسائر الحيوانات، فمع تصوير صورة حيوانية وتتميم تصويرها و بقاء نفخ الروح فيها ولو بنحو من المسامحة: كأنه تشبه بالخالق في مصوريته ما في الأرحام فيقال له يوم القيامة أيها المصور انفخ فيها كما نفخ الله تعالى في الصور بعد تسويتها وأما مثل الجن والشيطان والملك مما تكون كيفية ايجادها بغير التصوير والتخليق التدريجيين وبغير التسوية والنفخ بل ايجادها بدعية دفعية سواء قيل بكونها مجردة أم لا ولا يكون فيها نفخ روح كما في الحيوانات: فخارج عن مساق تلك الأخبار التي هي المعتمدة في حرمة عمل المجسمات، لاستفاضتها واعتبار اسناد بعضها كمرسلة ابن أبي عمير (1) هذا مضافا إلى أن المظنون بل الظاهر من مجموع الروايات أن وجه تحريم الصور والتماثيل هو التشبه بالخالق جلت قدرته في المصورية التي هي من صفاته الخاصة، والتصوير الخيالي من المذكورات ليس تشبها به تعالى لأنه لم يصورها كذلك حتى يكون التصوير تشبها به، إلا أن يقال:
إنه صار شبيها به في مطلق التصوير وهو كما ترى، ولا يلزم مما ذكرناه الالتزام بجواز تصوير حيوان غير موجود كالعنقاء مثلا أو مخلوق ذي رؤس عديدة لأنا لا نقول: باختصاص الأدلة بالحيوانات الموجودة في الخارج، بل نقول باختصاصها بما يكون موجوديته كموجودية الحيوانات بالتخليق والتصوير، والمذكورات ليست كذلك، مع أن الالتزام بعدم الحرمة في بعض مصاديق مورد النقض ليس ببعيد وليس بتال فاسد.
نعم يمكن التمسك برواية التحف لحرمة صور الروحانيين من الملائكة و غيرها حيث قال فيها في تفسير الصناعات المحللة: وصنعة صنوف التصاوير ما لم يكن مثل الروحاني، بدعوى أن الظاهر منها حرمة مطلق مثل الروحاني بل الظاهر خروج الانسان والحيوانات منها فإن الروحاني ظاهر في موجود غلبت جهة الروح فيه، والألف والنون، من زيادات النسب فالروحاني مقابل الجسماني.