فإن الظاهر من قوله: هذه الكلاب، كلاب الصيد والماشية والزرع، لا كلب الصيد فقط، وإلا لقال هذا الكلب، وقوله: كلب الصيد للصيد الخ مشعر بما أسلفناه من أن الكلب الذي يحفظ الماشية وغيرها، من الكلاب الذي يصيد، إذ ليس مراده ولو بقرينة الذيل استثناء كلب الصيد فقط، وإن جعل للحفظ. هذا، مع أن بناء المسلمين ظاهرا على بيع هذه الكلاب النافعة، والظاهر أن هذا البناء والعمل متصل إلى الأعصار المتقدمة، حتى عصر النبي صلى الله عليه وآله وقبله، لأنها أموال عقلائية لها منافع عقلائية. سيما في محيط الحجاز محيط تربية الأغنام والاجمال، وما كان كذلك لا بد من مقابلته بالمال في الأعصار والأمصار، إلا أن يمنع مانع منه، مضافا إلى ما قالوا: من ترتيب آثار الملكية والمالية على تلك الكلاب: من إجارتها و هبتها ووقفها والوصية بها وجعلها مهرا للنكاح وعوضا للخلع وغرامة قيمتها و إن قدرها الشارع، والتقدير لا يدل على عدم الملكية والمالية، لأنه يكون في كلب الصيد أيضا. ودعوى اشتهار عدم الجواز بين المتقدمين، في غير محلها، فإن مجرد ايراد المحدثين كالكليني وغيره تلك الأخبار في كتبهم، لا يدل على أن فتواهم على المنع في غير كلب الصيد، سيما مع ما تقدم من الاستظهار عن مثل صحيحة ابن مسلم.
وتخيل دعوى شيخ الطائفة الاجماع على عدم الجواز في الكلاب غير الكلب المعلم، وهي تدل لا أقل على اشتهار الحكم في تلك الأعصار، (وهم).
فإنه قال في الخلاف مسألة 302 (1): يجوز بيع كلاب الصيد، ويجب على قاتلها قيمتها، إذا كانت معلمة، ولا يجوز بيع غير الكلب المعلم على حال، وقال أبو حنيفة ومالك يجوز بيع الكلاب مطلقا، إلا أنه مكروه، (إلى أن قال) وقال الشافعي لا يجوز بيع الكلاب معلمة كانت أو غير معلمة، ولا يجب على قاتلها القيمة، دليلنا اجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون فيه، ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى: وأحل الله البيع وقوله: إلا أن تكون تجارة عن تراض، ولم يفصل، وروى جابر: أن النبي صلى الله عليه وآله