ثم استدل على المخالف في بعض الفروع بالنبوي المتقدم. ودعوى الاجماع بملاحظة ذيل العبارة وصدرها تعم المتنجس، والظاهر دعواه على البطلان إلا أن يقال:
إن الظاهر من العبارة أن الاجماع هو الدليل المخرج للكلب وتاليه، لا على الكلية المتقدمة (تأمل).
وقال: في الثاني (1) بعد تقسيم المتنجسات بالجامد والمايع، والثاني أن يكون مايعا، فحينئذ أما أن لا يطهر كالخل والدبس فهذا لا يجوز بيعه اجماعا، لأنه نجس لا يمكن غسله، ولا يطهر بالغسل فلا يجوز بيعه كالخمر (انتهى) وهذا التقسيم وإن كان في ذيل البحث عما يحرم التكسب به، لكن ظاهر كلامه دعوى الاجماع على الحكم الوضعي، ولعله استفاد حرمة التكسب به، من الحكم الوضعي، ولو كانت الحرمة لا جعل عدم انتقال المال إلى البايع، فيكون مراده من حرمة التكسب أعم مما حرم بعنوان التكسب أو بعنوان التصرف في مال الغير. وكيف كان أن ظاهره الاجماع على بطلان المعاملة، لا حرمة الثمن بعنوانه.
ويمكن التشبث للبطلان بنقل الخلاف الاجماع كرارا، على أن ما كان نجسا لا يجوز بيعه في بيع القرد والسرجين النجس والمني على اشكال، وحكى عدم جواز بيع ما لا يقبل التطهير عن جملة من كتب القدماء والمتأخرين. والانصاف أن بطلانها في الجملة مفروغ عنه لدى الأصحاب، فلا ينبغي الخدشة فيه.
الثاني يمكن بحسب التصور أن يكون موضوع الحكمين المتقدمين (في غير المسكرات والأحكام الثلاثة فيها) ما كان محرم الانتفاع من جميع الجهات، بحيث لو كان فيه جهة حلية لم تترتب عليه الأحكام أو بعضها، أو يكون الموضوع ما كان محرم الانتفاع ولو بجهة من الجهات، ولو كان محلل الانتفاع بجهات أخر، فيكون جلد الميتة مثلا موضوع الحكمين، أي البطلان وحرمة الثمن، ولو جاز الاستقاء به للبساتين، وبيع لأجله بمجرد كونه محرم اللبس مثلا، أو يكون الموضوع ما كان فيه جهة حرمة إذا اتجر به لأجلها، دون ما كان فيه جهة حلية واتجر به لا جذبها