علنا مع الاستحياء عن سائر الفسوق: لا يوجب القاء جلباب الحياء، وبالجملة فرق عرفا بين قوله: إذا جاهر الفاسق بفسق والفاسق المعلن بفسق، وبين ما في الروايتين، فإن ذلك لا يصدق مع اجهار فسق ما.
لا أقول: إن الصدق يتوقف على اجهار جميع فجوره بنحو الاستغراق وإن كان ذلك مقتضى ما تقدم من العموم أو الاطلاق بل أقول: إنه يتوقف على أن لا يعتني بالناس في ذنوبه وألقى جلباب الحياء عن وجهه فحينئذ يصدق العناوين عليه عرفا من غير توقف على الاجهار بالجميع.
نعم إن كان المستند فيه المستفيضة المتقدمة المفسرة لها كقوله: هو أن تقول:: لأخيك في دينه ما لم يفعل وتبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حد وغيره مما مر يكون الجهر بفسق ما موجبا لصدق عدم كونه مستورا وكونه مما يعرفه الناس.
ثم إن مقتضى اطلاق الأدلة مثل حسنة هارون بن الجهم وغيرها جواز اغتياب المتجاهر في غير ما تجاهر به، لكنها معارضة بالمستفيضة المتقدمة تعارض العامين من وجه فإن قوله: الغيبة أن تقول لأخيك ما ستره الله عليه باطلاقه شامل لمن تجاهر في فسق آخر، ومع تعارضهما فالترجيح للمستفيضة لكونها موافقة للكتاب والسنة المعلومة، بل يمكن أن يقال: بعدم التعارض بينهما فإن العرف ولو بملاحظة ارتكازاته ومناسبات الحكم والموضوع يجمع بين الطائفتين بأن المتجاهر يجوز غيبته فيما تجاهر به دون ما استتر به، ولا ينقدح في الأذهان التنافي بينهما وإن كانت النسبة العموم من وجه.
وإن شئت قلت: إن الروايات المفصلة بين الأمر الظاهر والمستتر أقوى ظهورا من المطلقات في الاطلاق بل لأحد انكار اطلاقها أو دعوى انصرافها إلى الجواز فيما تجاهر به، بأن يقال: إن تجويزها كأنه معلول هتك عرض نفسه فإذا كان هاتكا له لا يجب على غيره الكف عنه دون ما إذا كان مستترا غير هاتك فلا يجوز لغيره هتكه، وكيف كان فالأحوط الأظهر عدم جوازها فيما لم يجاهر به من غير فرق بين ما كان أدون مما جاهر به أو لا، فما أفاده الشيخ الأنصاري (1) من الحاق الأدون به غير ظاهر.