ثم على ما ذكرناه من عدم اعتبار كراهته يسقط البحث عن أن المراد بكراهته كراهة وجوده أو كراهة ظهوره أو كراهة ذكره، وأن المراد بالموصول هل هو نفس النقيصة أو الكلام الذي يذكر الشخص به إلى آخر ما قاله الشيخ الأنصاري (1) فإنها مبنية علي ثبوت الرواية بنحو ما نقلها، أو ترجيح احتمال البناء للفاعل وكلاهما غير سديد، أما الأول فقد تقدم. وأما الثاني فالأرجح بالنظر البناء للمفعول فتكون الرواية مطابقة لسائر الأدلة المستدل بها لحرمة الغيبة، ولو نوقش فيه فلا ترجيح للاحتمال الآخر فتكون مجملة كما تقدم.
ثم إن قيد مستورية العيب أيضا ليس من قيود موضوعها عرفا ولغة كما تشهد به جميع الكلمات المتقدمة من اللغويين، والتعاريف المتقدمة من الفقهاء فإنه ليس في واحد منها ذكر عن اعتباره.
نعم ربما يقال بظهور كلام صاحب الصحاح والمجمع في اعتبار ه حيث قالا: و هو أن يتكلم خلف انسان مستور بما يغمه لو سمعه فإنه ظاهر في التكلم بشئ مستور. وأنت خبير بما فيه، فإن المراد بالإنسان المستور هو العفيف قال في الصحاح:
ورجل مستور وستير أي عفيف والجارية ستيرة وفي القاموس: الستير: العفيف كالمستور ونحوهما في المنجد، والظاهر أن هذا القيد في تعريف الصحاح والمجمع مأخوذ من الرواية المنقولة عن رسول الله صلى الله عليه وآله: من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له (2) رواها في المستدرك عن القطب الراوندي ورواها الشهيد عن النبي صلى الله عليه وآله وعن سنن البيهقي عنه صلى الله عليه وآله، وفي المستدرك عن اختصاص الشيخ المفيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، فقد ظهر من كلمات اللغويين والفقهاء في مقام التحديد و التعريف عدم اعتباره في مفهوم الغيبة فحينئذ تدل الآية أو الآيات والروايات باطلاقها على حرمتها في عيب مستور وغيره ولا بد في استثنائه ومقدار ذلك من التماس دليل صالح لتقييدها وكان الأولى ذكره وكذا ذكر بعض ما تقدم في المستثنيات والأمر سهل.