نهى عن ثمن الكلب والسنور، إلا كلب الصيد، وهذا نص. (انتهى) وهو كما ترى ادعى الاجماع على جواز بيع الكلاب المعلمة، ولهذا قال: ويدل عليه أيضا (أي مضافا إلى الاجماع) قوله تعالى، وتمسك بدليل النفوذ، بل يمكن استظهار عدم اجماعية حكم سائر الكلاب من كلامه، بأن يقال: لو كان الحكمان اجماعيين لأشار إليهما، ولم يدع في خصوص كلب الصيد، وتشهد بعدم اجماعيته بل اجماعية خلافه عبارته المتقدمة عن إجارة الخلاف فيمكن دعوى اشتهار الجواز بين المتقدمين والمتأخرين، فسقطت الروايات الدالة على عدم الجواز (لو سلمت دلالتها) عن الحجية رأسا.
ومنها الخنزير البري. لا شبهة في حرمة بيعه، بمعنى عدم صحته، وحرمة ثمنه، بمعنى كونه من المأخوذ بالبيع الفاسد، إذا بيع للانتفاع المحرم، وهو المتيقن من الاجماع، وما دلت على صحته وجواز أخذ ثمنه عوض الدين، كصحيحة محمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر عليه السلام في رجل كان له على رجل دراهم، فباع خمرا وخنازير، وهو ينظر فقضاه فقال: لا بأس أما للمقتضي فحلال، وأما للبايع فحرام. وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام: في الرجل يكون لي عليه الدراهم، فيبيع خمرا أو خنزيرا، ثم يقضي منها قال: لا بأس أو قال: خذها ونحوهما غيرهما. محمولة على كون المتبايعين ذميين، أو مطروحة سيما مع اشتمالها على بيع الخمر، مع أن بطلانه و حرمة ثمنها ضروريان. وأما الحمل على المنفعة المحللة، كالتخليل في الخمر و كالانتفاع بالخنزير في تربية الدواب، فكما ترى.
وهل يجوز الانتفاع به في مثل ما أشرنا إليه، أعني تربية الدواب، فإن المسموع بل لعله المعروف بين أهله، أن أنس الخنزير بالخيل موجب لسمنها أو كمالها، وكذا البيع لذلك.
مقتضى القواعد جوازهما، لكن عن المبسوط (2) الحيوان الذي هو نجس العين