بعضه خمرا، وبيع القرطاس منهم مع العلم بأن منه ما يتخذ كتب ضلال أضف إليها ما ورد من جواز بيع المختلط بالمذكى من المستحل، وجواز بيع العجين النجس منه، وجواز اطعام المرق النجس لأهل الذمة، وجواز سقيهم مع تنجس الماء بملاقاتهم (1) إلى غير ذلك.
أقول: أما صدق الإعانة فيما نحن فيه فسيأتي الكلام فيه وقد عرفت أن حكم العقل بالقبح لا يتوقف على صدق عنوان الإعانة، وأما الموارد التي ذكروها وادعوا فيها السيرة: فالجواب أما عن السيرة ببيع المطاعم من الكفار وما هو نظير ذلك كبيع العنب لهم مع العلم بجعل بعضه خمرا، فحكم العقل بالقبح وصدق الإعانة على الإثم:
فرع كون الاتيان بما ذكر إثما وعصيانا وهو ممنوع لا لكون الكفار غير مكلفين بالفروع أو غير معاقبين عليها، فإن الحق أنهم مكلفون ومعاقبون عليها بل لأن أكثرهم إلا ما قل وندر جهال قاصرون لا مقصرون.
أما عوامهم فظاهر، لعدم انقداح خلاف ما هم عليه من المذاهب في أذهانهم بل هم قاطعون بصحة مذهبهم وبطلان سائر المذاهب نظير عوام المسلمين، فكما أن عوامنا عالمون بصحة مذهبهم وبطلان سائر المذاهب من غير انقداح خلاف في أذهانهم لأجل التلقين والنشؤ في محيط الاسلام، كذلك عوامهم من غير فرق بينهما من هذه الجهة، والقاطع معذور في متابعة قطعه ولا يكون عاصيا وآثما ولا تصح عقوبته في متابعته.
وأما غير عوامهم فالغالب فيهم أنه بواسطة التلقينات من أول الطفولية والنشؤ في محيط الكفر: صاروا جازمين ومعتقدين بمذاهبهم الباطلة بحيث كل ما ورد على خلافها ردوها بعقولهم المجبولة على خلاف الحق من بدو نشؤهم، فالعالم اليهودي و النصراني كالعالم المسلم لا يرى حجة الغير صحيحة وصار بطلانها كالضروري له، لكون صحة مذهبه ضرورية لديه لا يحتمل خلافه.